زيارة ولي العهد إلى باريس: خطوة تعمّق الشراكة الأردنية الفرنسية
د.مأمون الشتيوي العبادي
09-10-2025 01:43 AM
في مشهد يعكس متانة العلاقات الأردنية–الفرنسية، استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعقيلته السيدة بريجيت ماكرون، سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، وسمو الأميرة رجوة الحسين، في قصر الإليزيه بالعاصمة باريس. اللقاء الذي حمل طابعًا سياسيًا ودبلوماسيًا راقيًا، يأتي في سياق حرص البلدين على تعزيز التعاون الثنائي، والبناء على شراكات ممتدة تاريخيًا في مجالات متعددة.
من منظور فرنسي، تُعدّ المملكة الأردنية الهاشمية شريكًا أساسيًا في منطقة الشرق الأوسط، نظرًا لدورها المحوري في تحقيق الاستقرار الإقليمي، واعتدال سياستها الخارجية، وانخراطها الفاعل في الملفات الإقليمية الحساسة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والأزمة السورية.
وفي المقابل، تنظر عمّان إلى باريس بوصفها أحد أهم الداعمين الأوروبيين للمشاريع التنموية والاقتصادية في الأردن، فضلًا عن تعاون وثيق في مجالات الدفاع، والتعليم، والطاقة، والمياه.
اللقاء في الإليزيه لم يكن بروتوكوليًا فحسب، بل شكّل منصة لإعادة تأكيد الرؤية المشتركة بين قيادتي البلدين نحو مستقبل أكثر استقرارًا وتعاونًا. فالأمير الحسين، الذي يمثل جيلًا شابًا من القادة العرب، يعبّر في كل لقاء خارجي عن رؤية الأردن الطموحة في الانفتاح، والاعتماد على الكفاءات، واستثمار التكنولوجيا في التنمية المستدامة، وهي قيم يلتقي فيها مع الفكر الأوروبي الحديث الذي تمثله فرنسا بقيادة ماكرون.
من الناحية الرمزية، حضور سمو الأميرة رجوة الحسين إلى جانب ولي العهد، والسيدة بريجيت ماكرون إلى جانب الرئيس الفرنسي، أضفى بعدًا إنسانيًا وثقافيًا على الزيارة، حيث يولي الجانبان اهتمامًا متزايدًا بالبعد الثقافي والتعليمي في العلاقات الثنائية، وهو مجال يُنتظر أن يشهد مزيدًا من التوسع في السنوات القادمة من خلال برامج التبادل الأكاديمي ودعم تعليم اللغة الفرنسية في الجامعات الأردنية.
تؤكد هذه الزيارة أن العلاقات الأردنية–الفرنسية تتجاوز الطابع الدبلوماسي التقليدي، لتتحول إلى نموذج لشراكة ذكية تجمع بين الرؤية السياسية المتوازنة، والعمق الثقافي، والبعد الإنساني. إنها زيارة تحمل رسائل ثقة متبادلة، وتفتح آفاقًا جديدة نحو تعاون أعمق يخدم مصالح البلدين وشعبيهما، في زمن تحتاج فيه المنطقة إلى جسور تواصل أكثر من أي وقت مضى.
*د. مأمون الشتيوي/ خبير في الشؤون الفرنسية.