facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مديونية شركة الكهرباء الوطنية .. إلى متى؟


م. عبدالفتاح الدرادكة
13-10-2025 01:25 AM

منذ أكثر من عقد ونصف، لا يزال ملف مديونية شركة الكهرباء الوطنية يطفو على السطح بين الحين والآخر، ليطرح السؤال نفسه بإلحاح: إلى متى تبقى الشركة غارقة في الديون؟

فالقضية ليست مجرد أرقام مالية أو خسائر محاسبية، بل هي انعكاس مباشر لتحديات الطاقة في الأردن ولسنوات من الاعتماد القسري على مصادر محدودة ومكلفة لتوليد الكهرباء.

بدأت خسائر شركة الكهرباء الوطنية عام 2010، مع تناقص كميات الغاز الطبيعي المستورد من مصر، حيث بلغت الخسارة في ذلك العام نحو 270 مليون دينار. لكن الأزمة انفجرت فعلياً في شباط 2011 مع أول تفجير لخط أنابيب الغاز المصري، لتتجاوز الخسائر مليار دينار بنهاية العام نفسه، وتواصل الارتفاع في السنوات اللاحقة حتى وصلت إلى 4.75 مليار دينار في نهاية عام 2015. أي أن الشركة تكبّدت خلال أربع سنوات فقط خسائر سنوية تجاوز متوسطها مليار دينار.

والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا بلغت الخسائر هذا الحجم الكبير؟

الإجابة تكمن في الفارق الهائل بين كلفة إنتاج الكهرباء وسعر بيعها. ففي تلك السنوات، تجاوزت كلفة إنتاج الكيلو واط الواحد 170 فلساً، بينما لم يتعدَّ سعر البيع لشركات التوزيع 70 فلساً. هذا التفاوت الكبير بين النفقات والإيرادات جعل الخسائر أمراً محتوماً، إذ لم يكن بإمكان الشركة الموازنة بين كلف الوقود المرتفعة والتعرفة الثابتة نسبياً.

ورغم محاولة الحكومة عام 2013 الحد من نزيف الخسائر من خلال رفع التعرفة الكهربائية بنسبة 37% موزعة على ثلاث سنوات (15% لعام 2013، و15% لعام 2014، و7.5% لعام 2015)، إلا أن تلك الجهود اصطدمت بارتفاع أسعار النفط عالمياً واستمرار استخدام وقود الديزل والوقود الثقيل في التوليد، مما جعل أثر الزيادة محدوداً. واستمر الوضع على هذا الحال إلى أن تم تشغيل ميناء الشيخ جابر للغاز المسال في العقبة منتصف عام 2015، والذي شكل نقطة تحول جوهرية في معادلة الطاقة.

تزامن تشغيل الميناء مع هبوط أسعار النفط عالمياً، الأمر الذي مكّن شركة الكهرباء الوطنية من وقف الخسائر وتحقيق ربح مقداره 32 مليون دينار في عام 2016. ومنذ ذلك العام وحتى عام 2020، حافظت الشركة على التوازن المالي دون خسائر تُذكر. غير أن عبء خدمة الدين المتراكم بدأ يظهر مجدداً، إذ بلغت تكلفة خدمة الدين السنوية نحو 110 ملايين دينار، وارتفعت في عام 2024 إلى 160 مليون دينار، ما أدى إلى تجاوز مديونية الشركة حاجز الستة مليارات دينار.

ومن المهم الإشارة إلى أن الشركة دفعت خلال السنوات التسع الأخيرة ما يزيد على مليار دينار خدمةً لهذه الديون. وهنا يبرز التساؤل الجوهري: لماذا تُحمَّل شركة الكهرباء الوطنية مسؤولية خدمة الدين وهي ليست الجهة المسؤولة أصلاً عن تراكمه؟.

فبحسب الرخصة الممنوحة لها من هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، فإن مهامها تقتصر على إدارة شبكة النقل الكهربائي وتشغيل النظام الكهربائي وبيع الطاقة بالجملة لشركات التوزيع والمستهلكين الكبار، بينما تقع مهمة تأمين الوقود لتوليد الكهرباء على عاتق وزارة الطاقة والثروة المعدنية والتي قامت بتحويل المهمة لشركة الكهرباء الوطنية. وبما أن سبب الخسائر الرئيس كان ارتفاع كلفة الوقود، فإن تحميل الشركة وحدها تبعات ذلك يبدو غير عادل.

من الطبيعي إذن ألا تُلام الشركة على مديونيتها، لأن خسائرها لم تكن نتيجة سوء إدارة أو تقصير مهني، بل نتاج ظروف وطنية واقتصادية خارجة عن إرادتها، أبرزها انقطاع الغاز المصري واضطرار المملكة لاستخدام وقود باهظ الثمن. ولو تم تسريع بناء ميناء الغاز المسال في العقبة، لكان بالإمكان اختصار سنة من سنوات الخسارة الثقيلة.

لكن استمرار الوضع كما هو اليوم يبقي الشركة عرضة للاتهامات والتشكيك بأدائها، رغم أن هيكلها التشغيلي لا يمنحها صلاحية التحكم بأسعار التعرفة أو بسياسات التسعير، إذ تحددها الهيئة المنظمة للقطاع. وبذلك تُحرم الشركة من أدواتها التجارية الطبيعية التي تمكّن أي مؤسسة من تحقيق الربحية أو تجنب الخسارة.

إن المعضلة اليوم لا تكمن في سوء إدارة، بل في غياب الحل المالي الجذري. وقد يكون من المجدي دراسة إنشاء حاضنة مالية استثمارية (SPV - Special Purpose Vehicle) تتولى ادارة مديونية الشركة، بحيث تُدار تلك الديون ضمن أفق استثماري طويل الأجل. ويمكن تمويل هذه الحاضنة بموجب صكوك وسندات خزينة وأرباح الشركات الحكومية العاملة في قطاع الطاقة، مثل شركة السمرا لتوليد الكهرباء ،و الشركة اللوجستية وشركة البترول الوطنية او حتى شركة الكهرباء الوطنية اذا حققت ارباح بموجب تعرفة تؤهلها لذلك وكذلك ما يفيض من فلس الريف .

إن الحلول الترقيعية لم تعد مجدية، والوقت قد حان لتطبيق نهج مالي مؤسسي يعيد التوازن لشركة الكهرباء الوطنية ويحررها من إرث الديون التاريخية. فاستقرار الشركة المالي ليس شأناً خاصاً بها فحسب، بل هو ركيزة أساسية لاستقرار المنظومة الكهربائية الوطنية بأكملها، وضمان استمرارها في أداء دورها الحيوي في تزويد المملكة بالطاقة بأمان واستدامة.

والله من وراء القصد ..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :