facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




السياسات العامة والسياسة


د. صالح سليم الحموري
15-10-2025 06:30 PM

كثيرًا ما يُستخدم مصطلحا «السياسة» و«السياسات العامة» بشكل متداخل، وكأنهما وجهان لعملة واحدة، إلا أن التمييز بينهما يعد ضروريًا لفهم آليات عمل الحكومات الحديثة، وصناعة القرار، وتحويل الرؤى إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.

فالسياسة، في جوهرها، هي فن إدارة السلطة واتخاذ القرارات الاستراتيجية الكبرى التي تحدد مسار الدولة واتجاهها العام. وتشمل السياسة مواقف الدولة من القضايا الإقليمية والدولية، وبناء التحالفات، وتحديد أولويات الأمن والتنمية، ورسم الرؤى العليا للمستقبل. إنها تعني ببساطة: من يحكم؟ وكيف يحكم؟

أما السياسات العامة، فهي الأداة التنفيذية التي تترجم هذه التوجهات إلى برامج وخطط عملية تمس حياة الناس اليومية. وتشمل التعليم والصحة والإسكان والنقل والبيئة والتنمية الاقتصادية وغيرها من المجالات الحيوية. وهي تقوم على دراسات علمية، وعمليات تشاور، وآليات تنفيذ دقيقة ومتابعة مستمرة.

السياسة ترسم الاتجاه، بينما السياسات العامة تصنع الأثر. الأولى تُعبّر عن الرؤية، والثانية تترجمها إلى مشاريع وخدمات وتحسينات ملموسة في حياة الأفراد والمجتمعات.
وفي عالم اليوم، لا يكفي أن تمتلك الحكومات رؤية سياسية واضحة، بل يجب أن ترافقها سياسات عامة فعالة قادرة على تحويل الطموحات إلى واقع. فالفجوة بين السياسة والسياسات العامة تعني في كثير من الأحيان تأخر التنمية، وتعطل الخدمات، وضعف الثقة المجتمعية.

وهنا تبرز إشكالية أساسية في منطقتنا: لدينا الكثير من السياسيين، ولكن لدينا نقص كبير في صُنّاع السياسات العامة الفعّالة. فبينما يجيد السياسيون الخطاب، تحتاج الحكومات إلى من يُجيد تصميم السياسات العامة القابلة للتنفيذ، القادرة على إحداث فرق حقيقي في حياة الناس.

إن صانع السياسات العامة ليس مجرد منفّذ، بل هو مهندس التغيير، يربط بين الرؤية والواقع، ويحوّل التوجهات الكبرى إلى مسارات عملية دقيقة ومدروسة.

إن إدراك هذا الفرق يشكّل عنصرًا محوريًا في الحوكمة الرشيدة، ويعزز من قدرة المجتمعات على المشاركة الواعية في النقاش العام، ومساءلة الأداء الحكومي على أسس موضوعية تستند إلى النتائج لا إلى الوعود.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :