facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الكازينوهات لا تجلب التنمية… بل تفتح الباب للندم


د. حسين سالم السرحان
20-10-2025 02:19 PM

استطراد:

ترددتُ كثيرًا في المشاركة في هذا الشأن، ثم عدلت عن قراري لخطورة التوجّه، راجيًا أن تُناقش الفكرة بعيدًا عمّن تُدعى إليهم في هذه الظروف.

حين طرح الأستاذ عمر كلاب المحترم مقترحه لإنقاذ المملكة من أزماتها الاقتصادية والمالية، بعد أن ترك كل مجالات الاستثمار وأفكار الابتكار الاقتصادي، وضاقت عليه علومها وتجارب الدول والمؤسسات، وتمخضت دعوته عن افتتاح الكازينوهات كخيار اقتصادي “جريء”، قد يراه كلاب مشروعًا من خلفيته العلمانية التي يعتز بها، دون التفات إلى جذوره المجتمعية، كنوع من الاستعلاء الذي يسكن – وللأسف – كثيرًا من هذه النماذج الطيبة بيننا.

هنا يقدّم السيد كلاب نموذجًا مختزلًا لفهم الاقتصاد، وكأن الاقتصاد يُبنى على نقاط ضعف الإنسان لا على قدراته، وعلى الاستغلال لا الإنتاج.

سأخبر الأستاذ كلاب أن القمار مشكلة وآفة، وليست ترفيهًا بريئًا، ولا خيارًا اقتصاديًا نظيفًا، بل هو شكل مموَّه من تدمير الإنسان والأسرة والمجتمع، باسم الحرية والرغبة في زيادة الإيرادات وحتى الثراء غير المشروع.

لذلك، فقد جرّم القانون هذا السلوك، ليس من باب التشدّد الأخلاقي أو الديني فحسب، بل من منطلق وطني شامل،كما ورد في قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960، في موادّ عديدة، غايتها حماية الفرد والأسرة والمجتمع من ممارسات ذات آثار سلبية نفسية واجتماعية واقتصادية، وأخطرها القمار الذي يدمّر القيم ويقوّض الأمن الاجتماعي تحت غطاء الترفيه أو السياحة.

وراء هذا التجريم أسباب موضوعية، أهمها أن القمار يؤدي إلى تدهور الأوضاع المالية للأفراد، ويوقع الكثيرين في دوامة الديون والإفلاس والاضطرابات النفسية، والإدمان السلوكي الذي لا يختلف كثيرًا في أثره عن إدمان المواد المخدّرة.

ولا يُعدّ ذلك تقييدًا للحريات، بل هو حماية للكرامة، وصونٌ للتماسك الاجتماعي، وتعبير عن هوية وطنية لا ترى في الإنسان مستهلكًا أو مقامرًا، بل طاقة يجب صقلها وتوجيهها نحو الإنتاج والنجاح، لا الخسارة والانهيار.

كما يتسبب القمار في انهيار الأسر والعلاقات الاجتماعية. وتزداد خطورته حين يكون ضحاياه من الفئات الفقيرة التي تبحث عن الربح السريع، فتقع ضحية لوهم الكسب وتفقد استقرارها المعيشي والاجتماعي.

القمار أيضًا مرتبط بجرائم مالية مثل الاحتيال، والربا، وغسل الأموال، وغالبًا ما ينشط في بيئات فاسدة تمهّد للجريمة المنظمة. وفتح الكازينوهات لا يعني مجرد مساحة للترفيه، بل يعني فتح الباب لاستغلال الضعفاء، وتطبيع الإدمان، وتغيير بنية المجتمع تدريجيًا من مجتمع منتج إلى مجتمع مستهلَك تحكمه شهوة الربح والرهان.

من جهة أخرى، فإن الزجّ بالقمار في الخطاب الاقتصادي هو محاولة لتبرير الخروج من أزمة اقتصادية عميقة بوسائل غير أخلاقية ولا مستدامة.

الكازينوهات لا تُنتج اقتصادًا حقيقيًا، ولا تصنع وظائف كريمة أو فرصًا عادلة. هي مشاريع تقوم على خسارة الآخرين، لا على إنتاج الثروة أو بناء الإنسان. وحتى العائدات التي يُقال إنها ستعود على الدولة، لا توازي كلفة الانهيار الاجتماعي المتوقع، من ارتفاع نسب الطلاق والانتحار، إلى تفكك الأسر وجرائم العنف.

الأردن ليس بحاجة إلى كازينوهات لتزدهر سياحته، ولا إلى المضاربات والقمار لينشّط اقتصاده، بل هو بحاجة إلى الاستثمار في التعليم، والابتكار، وريادة الأعمال، والبنية التحتية، وإصلاح منظومة العدالة الاقتصادية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :