facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العنف الجامعي .. أم انعكاس العنف المجتمعي؟


د.مأمون الشتيوي العبادي
21-10-2025 01:42 AM

لم تعد المشاجرات الطلابية مجرد حوادث عابرة في الجامعات، بل أصبحت حدثًا عامًا يُشعل الجدل كلما وقع. فمع كل مشاجرة، تتفجّر ردود الأفعال على مواقع التواصل وفي الأحاديث اليومية؛ هناك من يحمّل الجامعة المسؤولية، ومن يصوّب النقد نحو العشيرة، وآخرون يعزون الأمر إلى فشل النظام التعليمي أو إلى “جيل لا يشبه الأجيال السابقة”. وبين هذه التحليلات المتضاربة، ترتفع المطالب بفرض أقسى العقوبات على المتورطين، وكأن العقاب هو الدواء الوحيد.

لكن هل العنف الذي نشاهده في ساحات الجامعات هو فعلٌ طلابيّ محض؟ أم أنه انعكاس لعنف أكبر نمارسه نحن كمجتمع في صور مختلفة؟

المؤسسات تُقاس بكيفية إدارتها للأزمات

ما يغيب عن كثير من المتابعين هو أن المؤسسات لا تُحاكم على الأخطاء، فالخطأ سلوك بشري وارد، بل على طريقة تعاملها معه. الجامعة التي تتمسك بتطبيق أنظمتها بعدل وروية، لا بانفعال ومجاملة، هي المؤسسة التي تستحق الاحترام. فالأصل في العقوبة أن تكون وسيلة إصلاح لا وسيلة انتقام، وإلا تحوّلت من قانون إلى ثأر.

المقلق ليس فقط العنف داخل أسوار الجامعة، بل العنف الذي يظهر خارجها. فبعض الأصوات تنادي بعقوبات لم تُذكر في أي تشريع تأديبي، وكأن الهدف ليس معالجة السلوك بل التشفي من مرتكبيه. بل إن رغبة البعض في إطلاق الأحكام المسبقة قبل التحقيق تعكس ميلاً نحو التجريم حتى قبل سماع الرواية الكاملة.

فهل يمكن أن نُدين العنف ونحن نمارسه بأشكال أخرى؟
أليس التشهير نوعًا من العنف؟
أليس الإقصاء الاجتماعي عنفًا؟
أليس التسرّع في الحكم عنفًا معنويًا لا يقل خطرًا عن العنف الجسدي؟

المطلوب اليوم ليس فقط معاقبة من تورّطوا في المشاجرة، بل فهم الأسباب التي دفعتهم إليها؛ هل هي ضغوط اقتصادية؟ ثقافة مجتمعية تمجّد “الرد السريع”؟ غياب مهارات الحوار وإدارة الخلاف؟.

المجتمع الذي يربي أبناءه على أن الرجولة تُقاس بالصوت الأعلى لا بالحجة الأقوى، هو مجتمع يُنتج طلابًا يرون في المشاجرة وسيلة للتعبير.

ولذلك فإن الحلّ يبدأ من المدرسة والبيت والجامعة معًا. يبدأ من غرس ثقافة الإصلاح بدل الانتقام، وثقافة الحوار بدل الصدام.

براينا العنف الجامعي ليس مجرد أزمة داخل أسوار الجامعة، بل هو مرآة لعنف مجتمعي أكبر. وإذا كنا جادين في معالجته، فعلينا أن نبدأ بأنفسنا قبل أن نحاكم الآخرين. فالعنف ليس فقط من يرفع يده، بل أيضًا من يرفع صوته أو حكمه أو قسوته.

فهل نحن مستعدون لننظر في تلك المرآة؟.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :