facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عدادات الكهرباء الذكية والشفافية


م. عبدالفتاح الدرادكة
21-10-2025 05:05 PM

تشهد أنظمة الكهرباء في العالم تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، ومن أبرز مظاهر هذا التطور التحول إلى العدادات الذكية، التي تُعدّ خطوة استراتيجية نحو تحقيق الكفاءة في استهلاك الطاقة وتعزيز الشفافية بين شركات التوزيع والمشتركين. وبناءا على مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي بتعميم تركيب العدادات الذكية لكافة المشتركين في المملكة مع بداية عام 2026 فقد بدأت شركات توزيع الكهرباء في الأردن وبمتابعة حثيثة من هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن السير في هذا الاتجاه، لما توفره العدادات الذكية من مزايا تقنية وإدارية تسهم في تحسين الخدمة وترشيد الاستهلاك وضمان العدالة في الفواتير.

تنبع أهمية العدادات الذكية من كونها أدقّ بكثير من العدادات التقليدية، إذ تعمل بنظام إلكتروني متطور يتيح قراءة الاستهلاك مباشرة وبشكل لحظي، دون الحاجة إلى وجود قارئ عدادات ميداني. وهذا يعني أن المشترك والشركة المزودة للتيار الكهربائي يملكان معاً القدرة على متابعة الاستهلاك والتحكم به عن بعد، مما يحقق توازناً بين الطرفين ويحدّ من حالات الخلاف حول قيمة الفواتير. وكذلك فإن فصل التيار واعادته بعد فصله لا تتطلب الحضور الى الموقع من قبل الورش الفنية لشركات الكهرباء مما يوفر كلف الفصل واعادة التوصيل ومن الممكن في هذه الحالة وقف فرض رسوم التوصيل تخفيفا على المواطنين في حالات فصل الاشتراك او اعادته .

ومن أبرز ما تتيحه العدادات الذكية للمستهلك، المراقبة الذاتية لاستهلاكه، حيث يستطيع عبر تطبيق إلكتروني أو شاشة العرض المدمجة في العداد معرفة حجم استهلاكه اليومي أو الشهري، وملاحظة الأوقات التي يزداد فيها الحمل الكهربائي. هذه الميزة تساعده في اتخاذ قرارات فورية لتقليل الاستهلاك خلال فترات الذروة، وبالتالي خفض قيمة فاتورته.

تتكرر في كل موسم شتاء شكاوى المواطنين من ارتفاع فواتير الكهرباء، خصوصاً في أشهر كانون الأول وكانون الثاني وشباط، حيث يُتهم بعض المستهلكين شركات التوزيع بالمبالغة أو الخطأ في القراءات. غير أن العدادات الذكية من الممكن ان تضع حداً لهذه الخلافات، لأنها يفترض ان توفر الرقابة الذاتية المباشرة التي تمكن المستهلك من معرفة استهلاكه عبر تطبيق على جهازه الخلوي مما يمكنه ملاحظة اسباب زيادة الاستهلاك اللحظية.

وكذلك فإن العدادات الذكية تلغي تماماً عمليات التقدير أو التخمين التي كانت تُستخدم عندما يتعذر على قارئ العدادات الوصول إلى موقع العداد، وتضمن أن تكون كل فاتورة مبنية على استهلاك فعلي ومسجّل إلكترونياً بدقة متناهية.

تتميز العدادات الذكية أيضاً بأنها أكثر أماناً من الناحية التقنية، إذ يصعب العبث بها أو التلاعب بقراءات الاستهلاك كما كان يحدث أحياناً في العدادات الميكانيكية القديمة، حيث كان يمكن إيقاف القرص أو تغيير القراءة. أما العدادات الذكية فمزودة بنظام إنذار إلكتروني يرسل إشعارات فورية لشركة الكهرباء عند حدوث أي تغير غير طبيعي في نمط الاستهلاك أو في القراءات، مما يمكّنها من اكتشاف حالات العبث أو الخلل بسرعة عالية.

على الجانب الآخر، تستفيد شركات الكهرباء من العدادات الذكية في عدة جوانب؛ فهي توفر كلفة الجباية الميدانية التي كانت تتطلب طواقم كبيرة من الجباة وقارئي العدادات، كما تُقلل من الأخطاء البشرية المحتملة في القراءة أو في إدخال البيانات. إضافة إلى ذلك، فإنها تُمكّن الشركات من جمع بيانات دقيقة عن الاستهلاك اليومي والأحمال، ما يساعدها في إجراء الدراسات الفنية اللازمة لتطوير الشبكة وتوزيع الأحمال بكفاءة أعلى، وتحسين جودة التزويد بالتيار الكهربائي.

غير أن الفائدة الكاملة من العدادات الذكية لن تتضح إلا بعد تطبيق التعرفة المرتبطة بالزمن، والمتوقع أن تبدأ مع بداية العام القادم، بعد استكمال شركات الكهرباء تركيب العدادات الذكية لجميع المشتركين. وتهدف هذه التعرفة إلى تشجيع المشتركين على تقليل استهلاكهم خلال فترات الذروة، ونقل جزء منه إلى الفترات الأقل تكلفة، مما يحقق عدالة أكبر في التسعير واستقراراً في الشبكة الكهربائية.

في المحصلة، تمثل العدادات الذكية نقلة نوعية حقيقية في قطاع الكهرباء، إذ تجمع بين التقنية الحديثة والعدالة في الخدمة، وتحقق الفائدة المشتركة لكل من المواطن والشركة. فهي تمنح المشترك القدرة على إدارة استهلاكه بوعي، وتوفر للشركة بيانات دقيقة تعزز من كفاءة التشغيل، كما تضمن استمرارية التزويد بالتيار الكهربائي بكل موثوقية وأمان. إنها خطوة مهمة نحو مستقبلٍ أكثر ذكاءً في إدارة الطاقة، يعكس رؤية وطنية تسعى إلى التطوير المستدام والشفافية في الخدمات العامة.
والله من وراء القصد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :