facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جلالة الملك في قمة "ميد 9" .. رسالة الحكمة والاتزان


فيصل تايه
22-10-2025 11:11 AM

في لحظة سياسية يزدحم فيها المشهد العالمي بالتحديات ، جاء حضور جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في قمة "ميد 9" كصوت عاقل وواثق وسط ضجيج الأزمات ، وكامتداد لنهج أردني ثابت في الدفاع عن السلام العادل والدبلوماسية الفاعلة ، فالقمة التي جمعت قادة دول جنوب أوروبا المطلة على البحر الأبيض المتوسط في مدينة "بورتوروج" السلوفينية، تحولت بفضل خطاب جلالته إلى مساحة حوار حقيقية حول جوهر الصراع في الشرق الأوسط، لا حول أعراضه العابرة.

منذ مطلع كلمته، كان جلالة الملك يتحدث بلغة تلامس الضمير الإنساني قبل السياسة ، مؤكداً أن "الأمن في منطقتنا لن يتحقق دون عدالة للفلسطينيين" ، وأن طريق الاستقرار يبدأ من إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة ، حيث ان هذه العبارة لم تكن شعاراً سياسياً ، بل موقفاً مبدئياً يتقاطع مع ما عبر عنه جلالته مراراً بأن الحل الشامل هو الذي يقوم على دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام وأمن .

في قاعة القمة ، كان الصوت الأردني واضحاً، يدعو إلى تنفيذ اتفاق وقف الحرب في غزة "بشكل كامل وفعّال"، كما قال جلالته، مؤكداً أن هذا التنفيذ ليس مجرد التزام سياسي بل واجب إنساني لحماية المدنيين وفتح الطريق نحو مرحلة إعادة الإعمار ، لذلك فقد شدد جلالة الملك على ضرورة العمل المشترك بين دول الشرق الأوسط ودول جنوب أوروبا ومع الشركاء الدوليين لضمان التزام جميع الأطراف بمراحل الاتفاق ، داعياً إلى أن يكون البحر المتوسط جسراً للتعاون لا حائطاً للفصل بين الشعوب.

هذه الدعوة لم تأت من فراغ، بل من إدراك عميق لطبيعة الترابط بين أمن الشرق الأوسط واستقرار أوروبا ، فالأردن يدرك ، كما أشار جلالته، أن "التحديات التي تواجه الشرق الأوسط ودول جنوب أوروبا تتطلب منا أن نعزز الحوار ونرفع مستوى التنسيق ونتحد في الجهود"، لأن الأمن الإقليمي لم يعد شأناً جغرافياً محدوداً ، بل قضية إنسانية متشابكة المصالح والمصائر.

وفي خلفية هذا الحضور ، تبرز رؤية الأردن المستمرة بأن التهدئة المؤقتة لا تكفي، وأن الحل الحقيقي لا بد أن يعالج جذور الصراع، لا نتائجه ، ولذلك فقد وسع جلالته في خطابه الإطار ليشمل الضفة الغربية والقدس ، محذراً من أن أي تصعيد جديد سيقوض كل فرص التهدئة ، وهنا يطل صوت جلالة الملك بنبرته المعهودة ، فكان حازماً في المبدأ، إنسانياً في التعبير، عقلانياً في الطرح.

لم تقتصر مشاركة جلالة الملك على الخطاب، بل امتدت إلى لقاءات جانبية مؤثرة مع قادة دول القمة ورئيسة المفوضية الأوروبية ، حيث جرى بحث سبل تعزيز العمل الجماعي لمتابعة تنفيذ بنود وقف الحرب ودعم السلطة الوطنية الفلسطينية في إدارة المرحلة المقبلة ، لذلك ان هذه اللقاءات تؤكد أن الدبلوماسية الأردنية لا تكتفي بالمنابر، بل تتحرك بخطوات عملية تجمع بين المبادرة والاتزان .

أما البعد الإنساني في الزيارة ، فقد تجلى بوضوح خلال زيارة جلالته للمركز الثقافي الإسلامي في "ليوبليانا" وبرفقته سمو ولي العهد الامير الحسين ، في مشهد يجسد إيمانه العميق بأن الحوار بين الأديان والثقافات ليس ترفاً، بل ركيزة أساسية في بناء سلام دائم ، وكما يؤمن جلالته ان ، "السلام لا يفرض بالقوة، بل يبنى بالتفاهم والثقة والتواصل الإنساني" .

ومع نهاية القمة، بدا واضحاً أن صوت الأردن لم يكن عابراً ، بل حاضرًا في جوهر النقاشات ، فبينما تتقاذف المنطقة أهوال الصراعات ، بقي الأردن بقيادة الملك عبدالله الثاني يمثل عقل المنطقة وضميرها، يجمع بين الموقف المبدئي والرؤية الواقعية، ويقدم للعالم نموذجاً لدولة صغيرة بحجمها، كبيرة بدورها وتأثيرها.

وأخيراً ، فقد جاءت مشاركة جلالته في "ميد 9" لتؤكد أن الدبلوماسية الأردنية لا تنتظر الأحداث بل تصنعها، ولا ترفع الشعارات بل تقدم المبادرات ، وإنها دبلوماسية الفعل لا القول ، دبلوماسية تعيد للسياسة معناها الإنساني، وتجعل من صوت الأردن بوصلة للسلام في زمن يضج بالاضطراب.

والله بالغ امره





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :