facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




للناطق باسم الحكومة .. متى كان الأردن يُحكم بتصريحات الوزراء؟


د. حسين سالم السرحان
26-10-2025 08:24 AM

في الدول التي تحترم مؤسساتها ودستورها، تبقى الصلاحيات محددة بوضوح، لا تُختزل في شخصٍ، ولا تُمنح بمزاجٍ، ولا تُصاغ بتصريحات إعلامية طارئة لوزير واثق أكثر من اللازم

ومن هنا، فإن ما نُقل عن الدكتور محمد المومني – الناطق باسم الحكومة – بأنه «لا يفكر بإصدار عفو عام»، يثير تساؤلات جوهرية حول فهم حدود الصلاحية والمسؤولية في دولةٍ دستورها واضح ونظامها قائم على الفصل بين السلطات.

العفو العام، في جوهره ومضمونه، ليس من اختصاص الحكومة التنفيذية ولا من صلاحيات الناطق باسمها. فهو صلاحية سيادية تُمَارس عبر السلطة التشريعية بموافقة مجلس الأمة بشقيه – الأعيان والنواب – ويصدر بقانونٍ خاصٍ يُرفع للمقام السامي ليحظى بالتصديق الملكي. هذا ما نصت عليه المادة (38) من الدستور الأردني التي فرّقت بدقة بين العفو الخاص الذي يصدر بإرادة ملكية سامية، والعفو العام الذي يُقرر بقانون عن طريق السلطة التشريعية.

وبناءً عليه، فإن الحكومة ليست صاحبة القرار في إصدار العفو العام، بل هي جهة تنفيذٍ لما يُقرّره مجلس الأمة ويصادق عليه جلالة الملك. والحديث عن «عدم التفكير بإصدار عفو عام» هو قولٌ خارج عن حدود المسؤولية الدستورية، بل ويتجاوز موقع الناطق الرسمي الذي يمثل لسان الحكومة لا صاحب القرار فيها.

العفو العام ليس هِبَة ولا منحة ظرفية من السيد المومني، بل هو أداة إصلاح وطني تحمل في طياتها أبعادًا سياسية واجتماعية وإنسانية. إنه صفحة جديدة يفتحها الوطن مع أبنائه، تهدف إلى إعادة دمج من زلّت بهم الأقدام في المجتمع، وتخفيف الأعباء عن المحاكم ومراكز الإصلاح والتأهيل لخلق مناخٍ من التوازن والرحمة، دون المساس بمكانة العدالة وهيبتها.

وقد عرفت الدولة الأردنية عبر تاريخها أن العفو العام يأتي دائمًا في لحظات التماسك الوطني، عندما يرغب جلالة الملك في تجديد الثقة بين الدولة ومواطنيها، وترميم النسيج الاجتماعي، وفتح باب الأمل أمام من ضلّوا الطريق، فيعودوا إلى الوطن بقلبٍ جديد وإرادةٍ صادقة.

فهل يحق لوزير، أو حتى لحكومة، أن تُسقط هذه المعاني العظيمة بعبارة عابرة؟
وهل يجوز لمن يتحدث باسم السلطة التنفيذية أن يتحدث بلسان التشريع والسيادة؟

إن حالة النشوة التي تلبّست بعض المسؤولين عند الإدلاء بتصريحات لا تقع ضمن نطاق مسؤولياتهم، لا تليق بمقام الوظيفة العامة، ولا بما تمثله الدولة الأردنية من رصانةٍ مؤسسية واحترامٍ للتدرج الدستوري في الصلاحيات. فالموقع الحكومي ليس منبرًا للرأي الشخصي، بل أداة لضبط الرسالة الرسمية بما يليق بهيبة الدولة ومكانة مؤسساتها.

ولعل السؤال الأبرز هنا:
ماذا سيقول الدكتور المومني إن صدرت إرادة ملكية سامية بالعفو العام؟
هل سيعلن عندها أنه «لا يفكر بالتنفيذ» كما أعلن أنه «لا يفكر بالإصدار»؟
وهل يُعقل أن تُدار دولة بمستوى المملكة بتصريحاتٍ آنيةٍ تنفصل عن روح الدستور ومقتضى المسؤولية؟

إن الأردنيين يدركون أن العفو العام شأنٌ وطنيٌّ كبير، يُقرّ بتوازن الحكمة الملكية والمصلحة التشريعية، وليس بتصريحاتٍ تفتقر إلى المشروعية الدستورية.
فالأردن لم يُحكم يومًا بالأهواء أو الأقوال، بل بالمؤسسات، وبإرادةٍ ملكيةٍ تُعلي مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

ويبقى القول الفصل:
إن العفو العام حين يصدر، فهو قرار دولةٍ لا مزاج شخصٍ، وإرادة ملكٍ لا رغبة وزيرٍ، ومصلحة وطنٍ لا منبر تصريحٍ إعلامي
حمى الله الاردن





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :