خطاب العرش السامي… خارطة طريق لأردن المستقبل
أحمد عارف الصمادي
27-10-2025 05:25 PM
في صباحٍ حمل رمزية وطنية عالية، وُجِدَ الأردنيون أمام خطابٍ للمُلكيّة يعكس وقائع المرحلة، ويُحدد ملامح المستقبل. إنه خطاب العرش السامي لجلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة العشرين، خطاب حمل في مضامينه الثقة والوضوح، ووضع الأسس لمسار الدولة الأردنية في المرحلة القادمة.
لقد قدّم جلالة الملك رؤيةً شاملةً تقوم على الشراكة والإصلاح والإنجاز، مؤكّدًا أن بناء الدولة الحديثة لا يتحقق إلا بتكامل الجهود بين القيادة والحكومة والمجلس النيابي والمواطن. كانت رسالة جلالته حاسمة: الإنسان هو محور التنمية، وثقة المواطن هي أساس البناء.
رؤية ملكية ترسم الطريق
خطاب العرش السامي شكّل خارطة طريق لأردن المستقبل، وأُطرته كانت واضحة: الثقة، والإصلاح، والثوابت، والمواطن، والمشاركة. فقد أكّد جلالته أن الأردن يسير بخطى واثقة نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري، في إطار رؤية متكاملة تهدف إلى رفع كفاءة المؤسسات وتعزيز الإنتاجية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
إنّ المسار الوطني لا يكتمل إلا بالعمل المتواصل، وإن المرحلة المقبلة تتطلّب مضاعفة الجهود وتحويل الخطط إلى واقع ملموس يشعر به المواطن في حياته اليومية.
يُعيد الخطاب الملكي توجيه البوصلة نحو الاهتمام بـ البُعد الاجتماعي للسياسات، وليس الاقتصار على الكليات والعموميات. فقد جاءت دعوة جلالته واضحة للحكومة بأن تكون المؤسسة الوطنية قريبة من هموم المواطن، وأن تلمس أثرها في تفاصيل حياته اليومية. كما حفّز المجلس النيابي ليكون شريكًا فعّالًا في الرقابة والتشريع ضمن هذا الإطار.
إنها رسالة جوهرية تعيد التأكيد على أن الإنسان الأردني هو الثروة الحقيقية للوطن، وأن التنمية لا تكون أرقامًا ومشروعات فقط، بل منظومة متكاملة قوامها الكرامة والعدالة والفرص المتكافئة.
لم يغفل الخطاب التأكيد على الثوابت الوطنية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس الشريف. كما شدّد جلالة الملك على دور الأردن الإقليمي ومسؤوليته في الدفاع عن قضايا الأمة، مؤكدًا أن الأردن ليس منعزلًا عن محيطه، بل لاعب محوري بثبات وموقفٍ مبدئيٍّ لا يتغيّر.
إنّ أهم ما يميّز خطاب جلالة الملك هو الموازنة بين الاعتزاز بالإنجاز وبين الإقرار بأن المسار ما زال مستمرًا، فالحاجة قائمة دائمًا إلى العمل والإنجاز والتقييم. إنها رسالة مباشرة لكل المؤسسات، بأنّ التحديات لا تُواجه بالكلام، بل بالفعل، وأنّ الوطن ينتظر من الجميع المبادرة لا التبرير.
لقد عبّر خطاب العرش السامي عن روح الأردن الحديثة: دولةٌ واثقة، ثابتة على مبادئها، منفتحة على المستقبل، تقودها رؤية ملكية تستشرف التحديات وتحوّلها إلى فرص.
وبقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، سيبقى الأردن نموذجًا في الاستقرار والكرامة الوطنية، وواحةً للإصلاح المستمر والشراكة الحقيقية بين الدولة ومواطنيها.