facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لماذا يقلق الملك مادام أنه لا يخاف إلا الله؟


م. سالم خصاونة
28-10-2025 10:40 AM

السؤال في ظاهره استغراب‥ لكنه في جوهره بوابة إلى فهمٍ أعمق لمعنى القيادة‥ ومعنى أن يكون الإنسان مسؤولاً عن وطنٍ وشعبٍ ومصير . فالملك الذي لا يخاف إلا الله‥ لا يعيش القلق ضعفاً‥ بل يحمله عبئاً مقدساً‥ يُولد من رحم الأمانة لا من وهن القلب . إنّ خوفه من الله وحده لا يلغي قلقه‥ بل يصوغه في أنبل صوره‥ قلق المحبّ‥ الراعي‥ الحارس الذي يسهر كي ينام الناس مطمئنين.

الملك لا يخاف من بشرٍ ولا من قوةٍ على وجه الأرض‥ لأنه يعلم أن العزّة بيد الله وحده‥ وأن من اتكل على الله لا يخذله. لكنه يقلق لأن مسؤولية الحكم ليست مجداً دنيوياً‥ بل أمانة عظيمة سيسأل عنها أمام الله قبل الناس. يقلق لأن الأرض التي يرعاها لم تكن يوماً مجرد تراب وحدود‥ بل تاريخ وشهداء‥ وعرق أجداد‥ وآمال أجيال قادمة تنتظر غداً أفضل.

يقلق حين يرى الفقر يطرق أبواب الناس‥ والبطالة تعصف بالشباب‥ والظروف الصعبة تسرق أحلام البسطاء. يقلق لأن وجع المواطن يصل إلى قلبه‥ لأنّه ابن هذا الشعب قبل أن يكون ملكه‥ ولأنّ الكرامة التي يريدها لشعبه ليست شعاراً سياسياً بل عقيدة وطنية.

يقلق حين يرى من في مواقع المسؤولية يتقاعس أو يتهرّب من أداء واجبه‥ حين يرى أن بعضهم نسي أن المناصب تكليفٌ لا تشريف‥ وأنّ الوطن لا يُبنى بالمصالح الضيّقة ولا بالولاءات العمياء‥ بل بالإخلاص والضمير الحي.

ويقلق الملك لأن العالم من حولنا مضطرب‥ والإقليم مشتعل‥ والتحديات تتضاعف يوماً بعد يوم. يقلق لأن الأردن‥ هذا الوطن الصغير بحجمه الكبير بدوره‥ يقف دائماً على مفترق طرقٍ بين العاصفة والثبات‥ بين الضغط والصمود. يقلق لأنه يعرف أن الاستقرار لا يُمنح‥ بل يُصنع بإيمان الرجال‥ وبصبر الشعوب‥ وبحكمة القيادة.

ومع كل هذا القلق‥ لا يعرف الخوف طريقاً إلى قلبه. فالقائد الذي يؤمن أن الله معه‥ لا تهزه العواصف‥ ولا ترهبه المؤامرات‥ بل يزداد إصراراً على أن يكون عند مستوى الأمانة. قلقه هو طاقة تدفعه للعمل أكثر‥ للتفكير أبعد‥ وللإصلاح رغم الصعاب.

إنه قلق المحارب لا الهارب‥ وقلق العارف بأنّ الحساب الأكبر ليس في الدنيا بل بين يدي الله‥ وأنّ من يخاف الله لا يُمكن أن يظلم‥ ولا أن يتهاون‥ ولا أن يترك شعبه يواجه مصيره وحده.

وفي النهاية‥ من لا يخاف إلا الله‥ لا يقلق على نفسه‥ بل يقلق على الناس‥ على الوطن‥ على الغد. يقلق حين يرى الظلم يقترب من العدالة‥ أو الجهل يهدد الوعي‥ أو الفتنة تحاول أن تمزق النسيج الأردني المتين. يقلق لأنّ المحبة مسؤولية‥ ولأنّ الإيمان بالوطن عبادة.

ولذلك‥
يقلق الملك‥ لأنه مؤمن أن الله مطّلع على السرائر‥ وأنّ الأمانة ثقيلة‥ وأنّ راحة الناس أمانة في عنقه. يقلق لأنه لا يخاف إلا الله‥ ولأن من يخاف الله بحق‥ يحمل قلق الوطن في قلبه‥ ليبقى هو الساهر الأول‥ والحارس الأخير‥ والملك الذي يقوده ضميره قبل عرشه.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :