بين جدران زها .. ينبض الخيال بالواقع
خميس خليفة اللوزي
02-11-2025 03:07 PM
في حَنَايَا مركز "زها"، حيث تتلاطم الأحلام بأمواج الواقع، تقف إيمان الحنَيطي كسنبلة من نَسِيجٍ خاص، تحمل في يديها مفتاح العالم الآخر، فتجعل من كل زاوية وركن لوحة حية، ومن كل لحظة ضائعة فرصة لاكتشاف المعجزات. تمر بين يديها الخواطر العابرة، تصبغها بقلم المعنى، وتحملها على أجنحة الحرية. من الصمت تنحت أجوبة، والحجر يتحول إلى نبض، والكلمة تصبح وطنًا، فتتردد أصواتها في النفس قبل الأذن، وتوقظ في القلوب ألوانًا من الإلهام لا تعرفها الأيام العادية.
تصنع من العواطف والذكريات جسورًا تملأ المكان حياةً ومعنى، ترسم بالعطر خرائط لمملكة الجمال، وتؤسس بالبَسمة وصلات تصل القلوب ببعضها. المكان في حضورها يتحول من مجرد مساحة إلى انتظار لمعجزة. كل زاوية تحيا، وكل همسة تتحول إلى لغة تهمس بالطمأنينة في الأذن. تمتلك القدرة على جعل اللحظة سجلًا للأبد، واللقاء ذكرى تمشي على قدمين. تخيط من الأنفاس قصصًا، وتحبوك من النظرات أغانٍ. العادي يتحول في حضورها إلى نادر، والبسيط يتحول إلى قصيدة، فتعلّم أن كل ثانية ثمينة، وكل لقاء يحمل طاقة تغير مجرى الحياة.
الكتب تقرأها بعين واعية، وما بين السطور تسمع أصوات الأشياء، فتحوّل صمت الحجر إلى نغم، وظل الفكرة إلى شمس. تتحول الأثاث إلى حكايات والجدران إلى شركاء حوار. هنا، يصبح كل شيء حيًا، والمكان مكتظ بالحياة والمعنى. في حضورها، تستمر الكلمات، تنتظر الحالمة، وتنمو الذكرى. كل زائر يتحول إلى شخصية جديدة، وكل زيارة تتحول إلى ولادة. هي حارسة لكنز الإبداع والفكر والجمال، الذي تتدفق ينابيعُه بلا توقف.
تجمع الحلم القديم والجديد في قلبها كطبقات عسل متداخلة، وتجالس المستحيل إلى جانب الواقع حتى يتحول إلى صديق. تتحول الأحلام إلى واقع، والخيال إلى أفعال ملموسة، والإمكانات إلى حقائق تتجسد أمام العين. تحمل عالمًا آخر في عينيها، تراه وحدها، ثم تمنحك عيونًا جديدة لترى ما لم تره من قبل. إنتاجها لا يقتصر على الفعاليات الثقافية، بل يتعداه إلى صناعة وعي جميل بالحياة، وإلهام كل من حولها لعيش العالم من منظور أعمق وأوسع وأجمل.
في النهاية، إيمان ليست مجرد شخص نقدمه بسيرة ذاتية، بل فن ممتد، لوحة تتحرك، قصة تتنفس، أغنية تسكن المكان. الجمال يقيم في الإنسان معها، فتصبح الحياة أجمل، والمعجزات ممكنة، والخيال حاضرًا في كل لحظة.