لا ذريعة للتقصير .. نهج "الدولة" التي لن تقبل الأعذار
فيصل تايه
03-11-2025 08:52 AM
في وقت تتعاظم فيه التحديات وتتسارع فيه الأحداث من حولنا ، يخرج صوت الدولة ثابتاً وواثقاً على لسان دولة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان ليؤكد أن الأردن لن يسمح للظروف بأن تكون ذريعة للتقصير أو مبرراً لتراجع الأداء العام ، حيث ان تلك العبارة الموجزة التي قالها دولة الرئيس ، لا تمثل مجرد تصريح عابر، بل تلخص رؤية "قيادة حكومة" تدرك حجم المسؤولية الوطنية وتؤمن أن الإنجاز لا يصنعه التبرير ، بل العمل الصادق والإرادة القوية.
إن عبارة دولة الرئيس "لا ذريعة للتقصير" تحمل في جوهرها دعوة صريحة لكل من يتولى موقعاً من مواقع الخدمة العامة بأن يتحرك بإخلاص ويعمل بشرف المسؤولية، بعيداً عن لغة الأعذار التي عطّلت كثيراً من الطاقات ، اذ انها اعلان بأن المرحلة المقبلة عنوانها الانضباط والجدية، وان من يتذرع بالظروف يفقد أهليته للمسؤولية ، وبذلك ، فقد أراد دولة الرئيس أن يعيد الاعتبار لفكرة الأداء النوعي في مؤسسات الدولة، وأن يغلق الباب أمام التراخي واللامبالاة ، لأن الوطن لا يحتمل التراجع ، ولا يقبل إلا العمل الذي يليق بتاريخه ومكانته.
لقد كان حديث دولة الرئيس وخلال زيارته لمحافظة الكرك ، أكثر من مجرد كلمات، بل رسالة عميقة المعنى تؤكد أن التحديات الإقليمية، مهما بلغت حدتها، لن تبرر تقصيراً ولن تعيق تقدماً ، فالأردن، كما قال دولته ، لم يبن في أزمنة الرخاء، بل في لحظات الصعوبة التي تختبر فيها العزائم وتقاس فيها القلوب بالعمل لا بالقول ، فمن الكرك، مدينة البطولة والوفاء، جدد الرئيس الثقة بروح الأردنيين، مؤكداً أن هذه الروح هي التي ستحفظ الوطن وتدفعه نحو المستقبل بثبات واصرار.
في هذه الكلمات تتجلى فلسفة الدولة في أبهى صورها ، حيث "قيادة الدولة" لا تبحث عن الأعذار، بل عن الحلول، وأن الإدارة الحقيقية هي التي تواجه لا التي تبرر ، لذا فان دولة الرئيس وضع معياراً جديداً للأداء العام، أساسه أن المسؤولية تقاس بالفعل، وأن الإنجاز هو اللغة الوحيدة المقبولة في قاموس العمل الحكومي ، فالدولة التي يسير على نهجها رئيس وزرائها بهذه الصرامة الفكرية والانضباط العملي، قادرة على تجاوز كل العقبات مهما تعاظمت.
ومع ذلك ، فإن قوة الرسالة التي أطلقها دولة الرئيس لا تكتمل إلا حين تجد طريقها إلى وجدان المواطن العادي، ذاك الذي ينتظر أن يلمس أثر السياسات في حياته اليومية ، فالمواطن، كما يدرك دولة الرئيس، لا يقنعه الخطاب بقدر ما يقنعه التحسن في معيشته وخدماته وفرصه ، حيث ان ثقة الناس تبنى بالنتائج لا بالوعود، ولهذا فإن جوهر عبارة “لا ذريعة للتقصير” يجب أن يترجم إلى واقع يلمسه المواطن في عمل المؤسسات ومستوى الخدمات وصدق الأداء ، فبين رسالة الدولة ونهج الحكومة من جهة، وتطلعات المواطن من جهة أخرى ، تقوم مسؤولية الدولة الكبرى بالعمل على تقريب المسافة بين القول والفعل، بين الأمل والتطبيق ، وهنا يكمن التحدي الحقيقي لأي حكومة تسعى لتجديد الثقة واستعادة التفاؤل في مجتمع أنهكته الظروف وضاقت عليه الأحوال ، لذلك فإن صدق الرسالة لا يقاس ببلاغة الكلمات، بل بقدرتها على أن تحدث فرقاً في حياة الناس.
إن حديث دولة الرئيس لم يكن موجهاً للحكومة فحسب، بل لكل من يخدم هذا الوطن كل من موقعه ، للموظف في مكتبه ، وللمعلم في مدرسته، وللطبيب في مستشفاه، وللجندي في ميدانه ، فهي رسالة وطنية جامعة تقول : ان خدمة الوطن مسؤولية لا تعرف التهاون ، وان الانتماء الحقيقي يقاس بالعمل المتقن لا بالشعارات ، فحين يتحول الانضباط إلى ثقافة، ويصبح الإخلاص نهجاً ، تزدهر الدولة ويتقوى بنيانها، وتبنى الثقة بين المواطن ومؤسساته على أساسٍ من الاحترام المتبادل والجدية في الأداء.
ولأن المرحلة التي يعيشها الأردن تستدعي وضوحاً في الرؤية وثباتاً في الموقف، جاءت كلمات دولة الرئيس بمثابة تجديد للعهد الوطني على أن يبقى العمل المخلص هو السبيل الوحيد لحماية الدولة وتعزيز منعتها ، لذلك فقد وضع الدكتور جعفر حسان معياراً صريحاً ، هو أن من يتولى موقعاً عاماً عليه أن يقدّم عمله لا عذره، وأن يخدم وطنه بعقله وضميره معاً ، فالأردن لا يدار بردود الفعل، بل بالتخطيط والإصرار والإيمان بأننا قادرون على تحويل التحديات إلى فرص، إذا ما توحد الجهد وخلصت النية.
وهكذا يمكن القول إن عبارة "لا ذريعة للتقصير" هي أكثر من شعار أو توجيه ، بل إنها ميثاق وطني جديد يعيد رسم العلاقة بين الدولة ومواطنيها على أساس من الثقة والجدارة ، فهي دعوة إلى أن نرتقي جميعاً في أداء واجبنا تجاه وطننا، وأن نكون على قدر المسؤولية التي تضعها فينا قيادتنا، لأن الأردن لا يعرف المستحيل، ولا يقبل إلا أن يكون أبناؤه على الدوام مثالاً في العمل والولاء والانتماء.
وأخيراً وحين يتحدث دولة الرئيس بهذه اللغة الصريحة والمباشرة، فإن الرسالة تصل إلى كل بيت وكل قلب ، فالأردن بلد العمل لا الأعذار، بلد العزيمة لا التردد، بلد يقوده الإصرار على الإنجاز لا الخوف من الصعاب ، فهذه هي روح الدولة التي يريدها الدكتور جعفر حسان ، والمستمده من رؤية جلالة الملك ، روح تؤمن أن خدمة الوطن شرف لا يستباح بالكسل، وأن العطاء هو الطريق الوحيد للبقاء في موقع المسؤولية ، والوطن الذي لا يقبل الأعذار هو وطن يصنع الفخر، والقيادة التي تزرع ثقافة العمل والمساءلة هي قيادة تصنع التاريخ ، فهكذا يظل الأردن، بقيادته وشعبه، مثالاً للدولة التي تواجه التحديات بصلابة الرجال وإخلاص الأوفياء، لا بذريعة ولا بتقصير ، بل بإيمان عميق بأن الإنجاز هو أبلغ جواب على كل الظروف وكل التحديات .
والله ولي التوفيق