facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تأملات في خطاب جلالة الملكة بميونخ


فيصل تايه
05-11-2025 09:04 AM

من على منصة قمة "عالم شاب واحد"، التي عقدت في مدينة ميونخ ، عاصمة ولاية بافاريا الألمانية ، وقفت جلالة الملكة رانيا العبدالله كصوت عالمي يتجاوز العناوين ، ليتحول إلى مرآة إنسانية للواقع ، ودعوة ملحة لكل قلب وشاب وشابة لاستعادة ما تبقى من ضمير جماعي ، اذ لم تكن كلمات جلالتها مجرد خطاب يلقى أمام جمهور ، بل كانت فعلاً حياً في تحفيز الوعي، وإيقاظ الشعور بأن الإنسانية لا تصان بصمتنا أو تنكسنا.

لم يكن خطاب الملكة محملاً بالمرارة وحدها ، حين تحدثت عن غزة ، وعن الأطفال الذين فقدوا أسرهم، وعن آلاف الأسر التي دمرت، وعن الجوع والمعاناة التي امتدت إلى كل زاوية من زوايا المجتمع الفلسطيني ، بل حمل رؤية ثاقبة : أن الكراهية لا تولد فجأة، وأن صمتنا وتواطؤنا شبه الواعي يمدها بالقوة والشرعية.

لقد أبرزت جلالتها الدرس الأعمق ، أن كل صمت، وكل غض للطرف عن الظلم، هو امتداد للمعاناة ومواصلة لسلسلة الفظائع التي يشهدها العالم ، اذ أكدت أن التجريد من الإنسانية يبدأ بالكلمة، وأن المجتمع الذي يغض الطرف عن خطاب الكراهية يمهد الطريق للعنف، وتجربة غزة كانت أكثر من مجرد مأساة ، فكانت مرآة عالمية لاختبار ضمير الإنسانية.

ان خطاب الملكة وفي قلب هذا الواقع القاسي، أضاء نيران الأمل الحقيقي، فالأمل، "كما أوضحت"، ليس تفاؤلاً ساذجاً، بل شجاعة تتحدى اليأس، وحباً يتجاوز الكراهية، ومسؤولية تفرض نفسها على كل من يشاهد الظلم دون أن يكون صامتاً ، وهنا، يصبح كل شاب وشابة في القمة ليس مجرد متلق ، بل شهوداً أحياء على الإنسانية، وأدوات فاعلة في صنع مستقبل أفضل، خطوة بعد خطوة، بفعل واع ومسؤولية حقيقية.

لقد أشارت جلالتها إلى الولادة العالمية لحركة مؤيدة للفلسطينيين خلال العامين الماضيين، واصفة إياها بأنها أضخم حركة شعبية عفوية عرفها العالم في الذاكرة الحديثة، لتؤكد أن الوعي الشعبي والتحرك الجماعي يمكن أن يكونا قوة حقيقية ضد الظلم ، وفي هذا القول، تتجسد دعوة للجيل الجديد بأن لا ينتظروا التغيير الرسمي فقط، بل يتحلوا بالوعي والمبادرة والشجاعة.

إن ما يجعل خطاب الملكة رانيا استثنائياً ليس فقط وصفها للمعاناة، بل قدرتها على تحريك الضمير الإنساني، وتحويل الحديث عن الكراهية إلى فرصة للتأمل والمواجهة ، فجلالتها تذكرنا بأن الإنسانية تتطلب أكثر من مجرد كلمات ، تتطلب افعالاً، شجاعة للوقوف في وجه الظلم ، وقلباً يختار الأمل على اليأس، والحب على الكراهية، ويقظة دائمة في مواجهة الانزلاق الأخلاقي.

بقي ان اقول ان هذه القمة في ميونخ ، لم تكن مجرد حدث عالمي، بل تجربة فلسفية وسياسية، منصة لتأكيد أن الشباب هم صناع الأمل والمستقبل، وأن القيادة ليست مجرد منصب أو عنوان، بل مسؤولية أخلاقية ووعي مستمر ، اذ ستظل كلمات الملكة شاهداً على أن القوة الحقيقية للإنسان تكمن في مقاومة الكراهية، وتحويل الألم إلى فعل، والأمل إلى رؤية تغير الواقع، لا على الورق فقط، بل في قلب كل إنسان يرفض أن يكون صامتاً أمام الظلم.

وأخيراً ، فهي دعوة لكل واحد منا ، لإعادة النظر في صمته، ولإحياء الأمل في مواجهة الظلام، لأن الحب والشجاعة هما أقوى من الكراهية، واليقظة الإنسانية هي الطريق الوحيد للحفاظ على ما تبقى من ضمير العالم ، وهكذا، تصبح كلمات الملكة رانيا أكثر من خطاب، إنها إرث إنساني ومرشد أخلاقي للأجيال القادمة، تذكرنا بأن القوة الحقيقية لا تكمن في العنف، بل في القدرة على الإيمان بالخير، والتحرك بالأمل، والعمل بالضمير.

والله الموفق





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :