facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الشرع في واشنطن من الترهيب إلى الترحيب


د. عماد الحمادين
11-11-2025 11:05 AM

*قراءة في دلالات التغير في الاستراتيجية الأمريكية

لماذا زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن مهمة وما هي المصالح الاستراتيجية لكلا الطرفين التي جعلت البيت الأبيض يرفع العقوبات عن الشرع وهل أصبحت سوريا دولة تكافح الإرهاب من ضمن تحالف الحرب على الإرهاب؟

تتغير الأمور في منطقتنا بشكل دراماتيكي وسريع، فقبل نحو عامين كان المصير المتوقع لقائد هيئة تحرير الشام، المُعْلَن عن مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار لمن يقتله أو يبلغ عنه ومن أكثر المطلوبين لهيئات مكافحة الإرهاب في العالم، الاغتيال أو القتل بواسطة طائرة بدون طيار، ولكن القدر يخبئ له ولسوريا حظًا أفضل.

حرب غزة كانت فرصة للفصائل السورية التي تقاتل الإيرانيين والروس وجيش النظام السوري وحزب الله وعدد من الفصائل الشيعية الأخرى ليعيدوا ترتيب أنفسهم ويستغلوا الفرصة الاستراتيجية التي أتيحت لهم والتي أدت إلى إضعاف خصومهم وهيأت الطريق ليتقدموا. ولكن قرار التقدم في بيئة متغيرة فيه مخاطرة كبيرة لأي قائد ويحتاج إلى قيادة مبادرة تحسن استغلال الفرص الاستراتيجية وتضع عامل المخاطرة جانبًا، ومع ذلك فالقيادة المبادرة وحدها لا تكفي. فاللاعبون في المشهد السوري كُثر ومنهم من يحتاج إلى تطمينات ومنهم من يحتاج إلى تحييد ومنهم من يحتاج إلى قتال ومنهم من يجب مفاوضته.

المصالح الأمريكية في سوريا
تشكل الرغبة الأمريكية في تقليص النفوذ الإيراني والحد من التمدد الروسي في سوريا حجر الزاوية في الاستراتيجية الجديدة. وقد استند "الشرع" ورفاقه إلى هذه الرغبة الأمريكية، متوافقين في ذلك مع الموقف التركي الذي يبقى لاعبًا أساسيًا في المعادلة السورية. كما ساهم عامل حاسم آخر في تمهيد الطريق لهذا التحالف، يتمثل في غياب بديل سياسي أو عسكري مقنع على الأرض؛ فجميع المحاولات السابقة لدعم قوى وطنية أو إسلامية معتدلة بديلة باءت بالفشل، لافتقارها إلى التماسك التنظيمي والمقومات اللوجستية والحاضنة الشعبية الكافية، مما جعل تحالف "الشرع" الخيار الأقل كلفة والأكثر واقعية بالنسبة لواشنطن في المرحلة الراهنة.

الأيديولوجيا التي كانت تتبناها هيئة تحرير الشام هي العقبة أو التهمة التي يتخوف منها الغرب، وأن مسألة إقناعهم أن القوات المتقدمة باتجاه دمشق ليست عالمية الجهاد وأن أيديولوجيتها تختلف عن القاعدة وأخواتها وأنها حركة وطنية ذات أبعاد دينية هاجس مخيف للغرب. تبديد هذا الهاجس تكفل به العديد من لقاءات الشرع التلفزيونية والوساطة السعودية القطرية التركية الضاغطة على واشنطن للانفتاح على الحاكم الجديد لدمشق. أما من الناحية الجيوسياسية فقد رأت الإدارة الأمريكية أن الشرع سيعمل ليس فقط على تحييد النفوذ الإيراني وقطع إمدادات حزب الله، بل أيضًا تحجيم النفوذ الروسي وتحجيم القواعد الروسية أو التخلص منها إن أمكن. خوف الإدارة الأمريكية من حرب أهلية أخرى في سوريا تستغلها إيران وروسيا وتكون خاصرة رخوة أخرى قريبة من إسرائيل، شجع الإدارة الأمريكية على التقارب الحذر في البداية، ثم استطاع الشرع أيضًا إرسال رسائل تطمينية للغرب وإسرائيل والجوار العربي أنه يولي أهمية قصوى لبناء سوريا وتعافيها وجعلها عضوًا منتجًا ومحاربًا للإرهاب كسائر المجموعة الدولية.

ملفات التفاوض في واشنطن
أما فيما يتعلق بالملفات الظاهرة التي سيكون لها كبير وَزْن في المحادثات الأمريكية السورية، فإنها تتمثل أولًا في رفع العقوبات وخاصة قانون قيصر الذي فُرض على سوريا وأركان النظام السوري السابق في ديسمبر 2019 بسبب انتهاكات النظام المخلوع لحقوق الإنسان. هذه العقوبات تكبل الاقتصاد السوري وتمنع الانفتاح العالمي على سوريا، وهي كانت بيضة القبان التي استخدمها الأمريكيون لترويض أكثر لمطالب الشرع.

ثانيًا: التعاون في مكافحة الإرهاب، وعلى الرغم من أن إدارة الرئيس الأمريكي قد خفضت الاهتمام كثيرًا بمحاربة الإرهاب وقللت الدعم المالي المخصص لهذه العمليات، إلا أن عناصر داعش يمكن أن يشكلوا خطرًا على القوات الأمريكية. إن ملف المعتقلين الدواعش في معسكرات الهول وحراستهم من قبل قوات قسد هي البقرة الحلوب التي استغلتها هذه المليشيات للحصول على المساعدات الأمريكية؛ حيث تم تزويد قسد بالمعدات والأموال اللازمة للقيام بهذه الأعمال بالنيابة عن الأمريكان، ففي حال انضمت سوريا للتحالف الدولي في الحرب على الإرهاب تصبح قوات قسد بلا سند أمريكي فعلي وتصبح مفاوضاتهم مع السوريين أضعف مما سبق.

الملف الثالث هو طرد العناصر الأجنبية التي تتهمها واشنطن بالإرهاب وتسليم إرهابيين، وهي أيضًا ورقة ضغط ضد الرئيس السوري وقد تعني التخلص من بعض الرفاق السابقين، مما قد يخلق تمللًا وعصيانًا في الحلقات القريبة من الرئيس السوري. يسود الاعتقاد بأن هذا الملف قد تم تجاوزه مبكرًا من خلال إعطاء بعض العناصر الجنسية السورية وعودة بعضهم الطوعية لبلادهم.

الحفاظ على حقوق الأقليات وهي الملف الرابع، وهي ورقة ضغط متداولة في كثير من الصراعات، ولكن سوريا الجديدة أوجدت الأرضية القانونية للحقوق المدنية وأجرت انتخابات وتقدمت في هذا الملف وأحسنت إدارته لغاية الآن، إلا أنه ما زال يكتسب أهمية خاصة لإسرائيل للضغط على سوريا خاصة فيما يتعلق بالدروز. الملف المهم الأخير هو دفع سوريا لاتفاق سلام مع إسرائيل، وهذا أخطر الملفات لما فيه من خطورة على استقرار سوريا في قادم الأيام، فهو سلاح ذو حدين؛ فهو يضمن دخول سوريا نادي دول السلام مع إسرائيل ويضمن توقف الهجمات الإسرائيلية وتوغلها في غرب سوريا، كذلك يرفع أي محاذير أمريكية من قبل المحافظين الجدد في واشنطن عند التعامل مع سوريا ويجعل بناء سوريا والجيش السوري أسرع وأقل كلفة ويضع إسرائيل في موقف الشريك. وعلى الجانب السلبي، فإن عقد سلام مع إسرائيل سيكون بذرة للشقاق بين مكونات الشعب السوري والحركات التي انضمت للجيش الحديث، وفرصة ستستخدمها الجماعات المسلحة وخاصة داعش لتقويض النظام السوري وتجنيد المزيد من الأتباع. السوريون غير مستعدين للسلام مع إسرائيل في هذا الوقت. كذلك فإن مسألة عودة الجولان لسوريا كشرط قبل بدء أي مفاوضات ستكون عقبة كأداء في هذا السياق ولا يستطيع الرئيس السوري التفريط بالجولان، وإلا كان الرئيس السابق أكثر تمسكًا منه بالجولان. المتوقع أن يماطل الرئيس ويدفع باتجاه محادثات سلام غير مباشرة أو اتفاقات أمنية محدودة تضمن انسحابًا إسرائيليًا من المناطق التي احتلتها مؤخرًا وتضمن عدم التعرض لقواته المنتشرة جنوبًا.



*باحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :