facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إطلالة دبلوماسي على رواية "الحافر" لأحمد سلامة


السفير الدكتور موفق العجلوني
12-11-2025 12:17 PM

في الأمسيات التي يضيئها الحرف وتنعقد فيها الذاكرة على معنى الوطن، جاءت رواية "الحافر" للزميل و الصديق والصحفي الأردني العريق أحمد سلامة كعمل أدبي يجاوز حدود السرد إلى فضاء الفكر والوجدان.

وعندما احتضنت الجامعة الأردنية - التي اعتز انني خريجها مع احمد سلامة عام ١٩٨٢ بعد جامعة دمشق العريقةً - توقيع الرواية، بدا المشهد وكأنه لقاء بين جيلٍ صنع الحروف وجيلٍ يصونها، بين ذاكرة المكان ووعي الإنسان، في لحظةٍ تعيد للأدب العربي هيبته بوصفه فعلًا وطنيًا لا مجرّد حكاية.

الحافر في رمزيته الأولى أثر لا صوت؛ هو ما يبقى بعد أن يرحل الفارس، وما يحفظ للأرض ذاكرتها حين تُمحى الخرائط وتُعاد كتابة الحكايات.ولعلّ أحمد سلامة قصد أن يجعل من الحافر رمزًا للثبات على الموقف والكرامة، أثر الإنسان العربي حين يمرّ في زمن التباس المعاني وضياع الاتجاهات.

فالحافر في الرواية ليس أداة، بل توقيع على التراب، يذكّرنا بأنّ من يترك أثره في الأرض لا يموت في الوعي.

تحمل الرواية في طياتها رسائل متبادلة، تشي بأنّ السرد ليس غاية بقدر ما هو حوارٌ طويل بين الكاتب ورفاقه في درب الكلمة والموقف.
وإهداؤها لا يُقرأ كمجاز شخصي، بل كتحيّةٍ رمزية إلى جيلٍ عربيّ حمل همّ الأمة بالقلم لا بالبندقية، وواجه الخذلان بالإيمان.

فكل رسالةٍ في الرواية هي صفحة من تاريخٍ غير مكتوب، وكل توقيعٍ هو وثيقة وجدانية تحفظ للزمن نبل من وقفوا على حواف الحقيقة.

الجامعة الأردنية.. مكان الذاكرة وبوابة المعنى
لم يكن اختيار الجامعة الأردنية مكانًا للتوقيع تفصيلًا عابرًا، بل استعادة لمكان الذاكرة الوطنية؛ فهي التي أنجبت الوعي العربي الحديث وصاغت نخبه الثقافية والفكرية.

وفي عودة احمد سلامة إليها، بدا الأمر أقرب إلى حوار بين "الخريج" و"المعلم"، بين التجربة والحلم، بين من حمل من الجامعة فكرها إلى العالم، وعاد إليها ليودع فيها أثر الحافر الأخير.

"دنِيّة"... الكلمة التي تختصر وجع الأمة ، حين يختتم الكاتب روايته بكلمة "دنِيّة"، فإنّه لا يصف حالة عابرة، بل ينعى زمنًا انحطّ فيه المبدأ وارتفعت فيه الأصوات الفارغة.هي كلمة تلخص مسارًا من الخيانة والصمت، وتستدعي نقيضها في ضمير القارئ: العزة والوفاء.

ولذا، فـ"دنِيّة" ليست إدانة للآخرين بقدر ما هي استفزاز لضمير الأمة كي تستيقظ، كما يطرق الحافر الأرض لينهض منها الصوت.

من موقع المراقب الدبلوماسي، أستطيع القول إنّ رواية "الحافر" تمثل نموذجًا للأدب الذي يفاوض الواقع لا ليستسلم له، بل ليعيد صياغته بمعجم القيم.إنّها تمارس دبلوماسية من نوع آخر: دبلوماسية الكلمة، التي تعرف متى تُعلن موقفها ومتى تكتفي بأن تترك أثرها في الوعي الجمعي.

وفي زمنٍ كثرت فيه البيانات وقلّت المواقف، تأتي رواية الزميل احمد سلامة لتقول بلسان الأدب ما تعجز عنه المؤتمرات والبيانات السياسية . حين يصبح الحافر بيانًا للأمة
إنّ "الحافر" ليست رواية في ظاهرها فقط، بل بيان أدبيّ سياسيّ بامتياز، يكتب تاريخ الإنسان العربي من زاوية الكرامة لا الهزيمة، ويعيد الاعتبار للمكان والذاكرة والوجدان.

احمد سلامة، الذي جمع بين الصحافة والفكر، بين الواقعية والرمز، يبرهن مرة أخرى أن الكلمة يمكن أن تكون وطنًا، وأن الأثر أهمّ من الصوت، وأن الحافر الذي يطرق الأرض اليوم، إنما يوقظ الضمير العربي ليبقى على الطريق.

زميل الدرب احمد سلامة في الجامعة الأردنية، الايامً الجميلة في الصحافة و الاعلام ما بين 1980 و1982، إلى الأخ والصديق والكاتب الكبير أحمد سلامة…بوركت وبورك عطاؤك، وبارك الله فيك وفي قلمك الذي ما عرف إلا الصدق والانتماء.نعتزّ بك زميلًا اردنياً وفيًّا أصيلًا، ظلّ صوته صادقًا في خدمة الكلمة و خدمة والوطن.وتلك الجموع الغفيرة التي كانت شهدة على اشهار "الحافر" ليست إلا شهادة حيّة على المحبة والتقدير اللذين تحظى بهما يا سيد الحافر…
لك من رفاق الدرب كل التحية والتقدير والوفاء .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :