facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




القرار الأممي حول غزة .. ضوءٌ أخضر لواشنطن وقلقٌ متصاعد من تغييب فلسطين


صالح الشرّاب العبادي
18-11-2025 10:02 AM

أقرّ مجلس الأمن الدولي مشروع القرار الأمريكي الخاص بغزة بعد مفاوضات طويلة وصياغات متبدّلة، حاز فيها القرار موافقة 13 دولة مع امتناع روسيا والصين، وسط موجة واسعة من الانتقادات. ويبدو القرار، في صورته الظاهرية، محاولة دولية لوقف النزيف الإنساني وإعادة إدخال المساعدات، لكنه في جوهره يعكس مرحلة سياسية جديدة يُعاد فيها تشكيل غزة وواقعها الأمني والسياسي بطريقة تُقارب الرؤية الأمريكية – الإسرائيلية أكثر مما تعبّر عن تطلعات الشعب الفلسطيني.

القرار لم يمنح الولايات المتحدة ضوءاً أخضر عسكرياً مباشراً، لكنه منحها أهم من ذلك ، منحها منصة شرعية لإعادة تشكيل مستقبل غزة تحت قيادتها، مع قبول ضمني عربي ودولي.
وهذه الشرعية هي الأساس لأي خطوة أميركية قادمة في غزة، سواء كانت سياسية، أمنية، أو حتى عمليات محدودة “بالتعاون مع إسرائيل”

القرار ينص على إنشاء قوة استقرار دولية ذات صلاحيات محددة لغزة وحدها ، تأمين ممرات إنسانية، ووضع جدول زمني لانسحاب الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى تجريد حماس من السلاح قبل الشروع بإعادة الإعمار، وتأسيس مجلس سلام دولي يشرف على العملية بالكامل مع كيانات تشغيلية فنية تعمل داخل القطاع تحت اشراف قوة الاستقرار . ورغم أن هذه البنود قد تخفف من الأزمة الإنسانية، إلا أنها تفرض واقعًا جديدًا يتحول فيه القطاع إلى منطقة تُدار أمنيًا وسياسيًا من الخارج، بلجنة تكنوقراط فلسطينية تشرف عليها الأمم المتحدة، ما يضعف الشرعية الوطنية ويجعل الحلول سياسية على الورق، وخدماتية في التطبيق.

من جهة إسرائيل، ورغم قبولها الظاهري للقرار، فإنها أبدت تحفظات واضحة على بعض بنوده، أبرزها رفض الالتزام بجدول زمني ملزم لانسحاب قواتها، والتحفظ على أي صلاحيات واسعة لقوة الاستقرار الدولية، إضافة إلى الخشية من أن يؤدي المسار السياسي المرفق بالقرار إلى تدويل القضية الفلسطينية وإعادة فتح ملف الدولة الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية. إسرائيل قبلت القرار اضطرارًا تحت ضغط واشنطن، لكنها تعمل على فرملته عمليًا على الأرض.

فلسطينيًا، لا يرتقي القرار إلى طموحات الشعب الفلسطيني، إذ يتعامل مع غزة بوصفها “منطقة أزمة” لا جزءًا من وطن يسعى إلى التحرر، وينزعها فعليًا عن الجغرافيا السياسية الفلسطينية. لم يتضمن القرار أي التزام واضح بحلّ الدولتين، ولا جدولًا سياسيًا قابلًا للتطبيق، وتجاهل بالكامل ملفات القدس واللاجئين والمستوطنات، ما جعل فلسطين غير مرئية في نص يُفترض أنه يتعلق بمستقبلها. حماس رفضت القرار بشدة، معتبرة أنه يستهدف نزع جوهر المقاومة لا حماية المدنيين، وأن قوة الاستقرار ليست محايدة بل طرف في الصراع مكلف بنزع سلاحها. أما السلطة الفلسطينية فتعاملت معه بقبول حذر، خشية أن تؤدي لجنة التكنوقراط المقترحة إلى تهميش دورها وتجاوز مؤسساتها، في لحظة سياسية حساسة ، خاصة أن كلمة اصلاح السلطة ورد في القرار والذي يعني أنه سيكون هناك فيما بعد تغيرات جذرية على ماهية هذه السلطة ومن يديرها وما هي صلاحياتها السياسية ومن هم رموزها المستقبلية ، بالنتيجة وضع القرار المستقبل الفلسطيني في نفق مظلم غير واضح نهايته .

عربيًا، تتراوح المواقف بين ترحيب إنساني وتحفظ سياسي، فالدول العربية تدرك أن القرار يعالج النتائج الإنسانية للحرب أكثر مما يعالج جذورها السياسية المتمثلة بالاحتلال والحقوق الوطنية. وتبقى مصر اللاعب الأكثر تأثيرًا، من خلال وساطتها السياسية وضمانها ألا تُقصى الأطراف الفلسطينية، ومن خلال حرصها على أمنها القومي ورفضها لأي ترتيبات دولية قد تُحدث تغييرًا في موازين سيناء أو تفتح الباب أمام تهجير الفلسطينيين.

المشهد العام يشير إلى أن القرار ليس حلًا سياسيًا، بل إدارة انتقالية للأزمة، تهدف إلى تثبيت هدوء مؤقت وفتح مسار إعادة الإعمار دون معالجة جوهر الصراع. إنه ترتيب مرحلي يعطي واشنطن وإسرائيل مساحة أوسع لإعادة تشكيل غزة، بينما يبقى الفلسطينيون خارج مركز صياغة مستقبلهم. ولذلك، فإن ما جرى في مجلس الأمن ليس نهاية الحرب، بل بداية معركة جديدة حول من يمسك بمفاتيح مستقبل فلسطين.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :