خدمة العلم في الأردن: رؤية وطنية متجددة
د.مارسيل جوينات
18-11-2025 10:43 AM
شهد الأردن في عام 2025 محطة مهمة بإعلان سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، ولي العهد، عن إعادة تفعيل برنامج خدمة العلم خلال لقاء مع شباب في محافظة إربد. جاء هذا الإعلان ليؤكد رؤية واضحة تعتبر أن الشباب هم الركيزة الأساسية لبناء المستقبل، وأن الاستثمار في إعدادهم وصقل قدراتهم هو استثمار مباشر في أمن الوطن واستقراره وتنميته. وقد شدد ولي العهد على أن الخدمة ليست مجرد تدريب عسكري، بل تجربة وطنية شاملة تُسهم في بناء شخصية الشاب وتعزيز انضباطه ومسؤوليته.
ومن جهة تشريعية، أقرّ مجلس النواب مشروع القانون المعدّل لقانون خدمة العلم والخدمة الاحتياطية لسنة 2025 بأغلبية كبيرة. خلال الجلسة، أكد النواب أن القانون لا يكمّل فقط إعلان ولي العهد، بل يعبّر عن شراكة حقيقية بين الدولة والشباب؛ فالنواب وصفوا الشباب بـ«شريك في البناء»، مشددين على أن هذا القانون يسهم في حماية الوطن وترسيخ الهوية الوطنية. بعض النواب رأوا أن القانون يمثل “منصة تأهيل وطنية” لصناعة جيل منظم ومؤهل، لا تقييدًا للشباب، بل تربيةً لطاقاتهم نحو الانضباط والمهارات المهنية.
من الناحية الوطنية، تشكل إعادة تفعيل خدمة العلم خطوة استراتيجية تُعزز الانتماء والهوية الوطنية، وتعيد ربط الشباب بمفهوم الواجب تجاه الوطن. كما تُسهم في بناء قاعدة من الشباب المدربين والجاهزين للمشاركة في حماية البلاد عند الحاجة، بما يرفع مستوى الجاهزية الوطنية ويعزز الشعور بالاستقرار والأمن. وهي بذلك ليست مجرد استجابة لاحتياجات آنية، بل تأسيس لمفهوم جديد للأمن المجتمعي يقوم على مشاركة الشباب في صون وطنهم.
أما من الناحية التنموية، فإن البرنامج يسعى لتقديم تدريب شامل يجمع بين المهارات العسكرية والمهارات العملية والمهنية، ما يمنح الشباب خبرة واقعية تساعدهم في مستقبلهم الأكاديمي والمهني. وبهذا تتحول الخدمة إلى تجربة ذات قيمة عملية واضحة، وليست فقط التزامًا وطنيًا.
وعلى المستوى الشخصي، تمنح الخدمة فرصة للشباب لبناء شخصيات أكثر قوة وانضباطًا، وتساعدهم على تطوير مهارات حياتية مهمة مثل القيادة، الالتزام، تحمل المسؤولية، والعمل الجماعي. كما تخلق شبكة واسعة من العلاقات والروابط التي تبقى عونًا لهم مهنيًا واجتماعيًا.
ومن الضروري اليوم أن تُطرح خدمة العلم كـ أفق مستقبلي حقيقي للشباب، لا كمجرد برنامج مرحلي. فنجاحها يعتمد على قدرتها على أن تكون منصة لبناء القدرات وممرًا نحو فرص تعليمية ومهنية لاحقة، بحيث يشعر الشاب أن دخوله إلى الخدمة هو بداية جديدة لمسار تنموي واعد. وعندما تُربط الخدمة بمخرجات ملموسة تُسهم في تمكين الشباب، فإنها تتحول إلى مشروع وطني طويل المدى يؤسس لجيل قادر على الابتكار والعمل والإسهام في نهضة الأردن.
وبذلك تصبح خدمة العلم مسارًا لبناء الإنسان والوطن معًا، ونقول دام عزك يا وطنا.