هل يشرعن القرار 2803 احتلالاً جديداً لغزة؟
مأمون المساد
19-11-2025 11:55 AM
مع صدور قرار مجلس الأمن رقم 2803 (2025) بشأن إنشاء "قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار" في قطاع غزة، تفتح البوابة القانونية لاحتلال دولي جديد أو وصاية دائمة على القطاع المحاصر ، والذي عجزت الحرب طيلة عامين كاملين من السيطرة عليه او كسر ارادته ، في ظاهر القرار يبدو ان الهدف المعلن يأتي لدعم وقف إطلاق النار وتسهيل إعادة الإعمار، ويمنح القرار القوة الدولية المؤقتة (ISF) سلطات غير مسبوقة في غزة ، وهذا ما يثير العديد من التساؤلات التي تدفع الى القلق العميق ، اذ لا يقتصر دور القوة على مراقبة الحدود، بل يتضمن نزع سلاح الفصائل الفلسطينية وتدريب قوات أمن جديدة وفرض القانون والنظام ، لكن السؤال اين هي السلطة الوطنية الفلسطينية من السيادة على الارض وانفاذ القانون ، وهل تجريدها من حقوقها وواجباتها هو المعضلة ؟!
في فهمي وبحثي في القانون الدولي ان الاحتلال (Military Occupation) هو السيطرة الفعلية والمؤقتة على إقليم دولة من قبل قوات دولة أخرى، لكن الحالة في غزة أكثر تعقيداً وأشد خطورة، إذ يتم هنا تأسيس احتلال بـ "زي رسمي دولي" ، فقوة الأمم المتحدة يفترض بها أن تكون محايدة ، لكن استخدام قوة الأمم المتحدة، التي يفترض بها أن تكون محايدة، لتنفيذ أجندة أمنية تتطابق في بعض جوانبها مع أهداف القوة المحتلة السابقة (إسرائيل)، هو ما يحول القرار 2803 إلى أداة لإضفاء الشرعية الدولية على ترتيبات أمنية لا تحقق السيادة الكاملة ولا تنهي الاحتلال فعلياً.
اعتقد ان القرار امام تناقضات وتحديات تنفيذية تتمثل في جانبين :- اولها ان المطلوب التعاون مع إسرائيل، وذلك يتطلب وفق القرار التعاون والتنسيق الوثيقين مع إسرائيل ومصر، مما قد يحد من حيادية القوة الدولية ويجعلها تخضع لاعتبارات الطرف المحتل بدلاً من التركيز المطلق على مصالح السكان المحتلين وثانيا يتمثل في القيادة والتمويلاذ يفتقر القرار إلى آليات واضحة وحاسمة حول القيادة الموحدة للقوة الدولية وتأمين التمويل طويل الأجل لها، مما قد يعرض المهمة للفشل أو التسييس .
انحياز القرار – امريكي الصنع - بشكل مفرط على الجوانب الأمنية (نزع السلاح والاستقرار) دون تقديم ضمانات قوية وملموسة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وتحقيق الدولة المستقلة ذات السيادة ، ويظل نجاح القرار مرهوناً بمدى قدرة المجتمع الدولي على ترجمة تفويضه الأمني إلى عملية سياسية حقيقية وغير مشروطة تضمن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة.