facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المخدرات حرب صامتة .. ودور لبنان ضروري وحاسم


د. حسين سالم السرحان
21-11-2025 09:37 AM

اعتقال نوح زعيتر، الملقّب بـ”بارون المخدرات”، من قبل الجيش اللبناني يشكّل نقطة تحوّل مهمة. فهو يدلّ على استعادة الدولة لهيبتها، ويشير إلى وجود إرادة سياسية وأمنية لمكافحة تهديدات الجريمة المنظمة. غير أن هذا الانتصار لا يعني النهاية، بل بداية لمرحلة جديدة من التصدي المستمر والتعاون بين المجتمع والدولة.

هذا الإنجاز اللبناني لا يُعدّ مجرد اعتقال شخص، بل هو رسالة قوية مفادها أن الدولة قادرة على مواجهة أكبر الشبكات الإجرامية التي تُهدّد أمنها. وهو يؤكد كذلك جدّية الحكومة اللبنانية والجيش في إعادة فرض سلطة القانون، حتى في المناطق التي شهدت تاريخيًا نفوذًا للجماعات غير الشرعية أو الميليشيات.

لقد تحولت آفة المخدرات في المنطقة العربية خلال العقد الأخير إلى واحدة من أخطر الحروب الحديثة ضد استقرار المجتمعات، وأصبح لبنان نقطة محورية في هذه المعركة. فبين زراعة القنب في البقاع، وتصنيع مخدرات مثل الكبتاغون، وتهريبها إلى الدول العربية، تقف الدولة اللبنانية والجيش اللبناني على خط المواجهة لاستعادة هيبة القانون، ووقف تمويل العصابات والجريمة المنظمة.

تشير تقارير المديرية العامة للأمن اللبناني إلى ارتفاع ملحوظ في انتشار المخدرات الصناعية مثل الكبتاغون والكريستال خلال عامي 2024–2025. وفي الوقت ذاته، كشفت السلطات عن تفكيك شبكة دولية للتهريب، وأحبطت محاولة لتهريب ملايين حبوب الكبتاغون إلى دول خليجية عبر مرفأ بيروت. كما صادرت قوى الأمن الداخلي في ديسمبر 2024 شحنات مخبّأة بطرق احترافية، من بينها لوحة فنية تحتوي على 6.65 كلغ من الكبتاغون، تبعها ضبط شحنة ثانية بوزن 3.8 كلغ.

أما الأردن فهو الأكثر تأثرًا في المنطقة بهذا الاستهداف، إذ تحوّل من بلد عبور إلى سوق استهلاكية رئيسية، وارتفعت أعداد المهرّبين والمتعاطين والمدمنين، خاصة في القرى والبلدات الحدودية المتاخمة لسوريا، التي شكّلت البوابة الأساسية لدخول هذه الآفة. وتستخدم شبكات التهريب الحدود الأردنية لتمرير المخدرات نحو دول الخليج، مما جعل تلك الدول، ولا سيما السعودية، هدفًا رئيسيًا لشحنات الكبتاغون. وهذا كله يبرهن أن المخدرات لم تعد مجرد تجارة، بل أصبحت سلاحًا في معارك غير تقليدية تمسّ الأمن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للدول العربية.

وفي هذا الإطار، كان لجهود الجيش اللبناني الدور الأبرز في قلب المعادلة؛ إذ عمل على تفكيك شبكات التهريب، وزيادة الرقابة على المعابر والمرافئ، وإحباط محاولات التهريب المتقنة، في خطوة تعكس تصميم الدولة على استئصال هذه الآفة. وقد ساهم هذا النهج في إعادة بناء الثقة بين لبنان وبعض دول الخليج، كما ظهر في إعلان الرياض تعزيز العلاقات التجارية عقب تحسّن أداء السلطات اللبنانية في مكافحة التهريب.

كما أن سلسلة العمليات النوعية التي نفّذها الجيش، ومن ضمنها الكمائن التي أدّت إلى اعتقال واحد من أخطر مهربي المخدرات، ومنهم “البارون” نوح زعيتر، إضافة إلى تعزيز التنسيق الإقليمي، تؤكد أن مكافحة المخدرات ليست مجرد ملف أمني، بل جزء أساسي من استعادة الدولة لدورها وهيبتها التي تراجعت خلال سنوات الاضطراب.

غير أن تحقيق نصر دائم يتطلب أكثر من عمليات تفكيك؛ فهو يحتاج إلى استراتيجية شاملة تجمع بين إنفاذ القانون والتنمية والوقاية. ومن المهم أن تدعم الدولة مشاريع التنمية في المناطق التي تغلغلت فيها شبكات المخدرات بفعل الفقر والحرمان، وأن توفر بدائل اقتصادية للمزارعين الذين يزرعون القنب، مما يقلّل من الخطاب المجتمعي الذي يصوّر بعض الخارجين على القانون كـ”روبن هود” محلي. كما يجب تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتطوير التشريعات التي تفرض رقابة فعّالة على الحدود، إلى جانب دعم برامج التوعية الموجّهة للشباب حول مخاطر المخدرات وسبل الوقاية منها.

المعركة مستمرة، لكن ما حقّقه الجيش اللبناني والحكومة حتى الآن يُعدّ بارقة أمل — خطوة لاستعادة الدولة لسلطتها ولحماية كرامة المجتمع العربي. وإذا وُفّقت هذه الجهود في أن تتضاعف وتتواصل، فإن تحقيق انتصار أخلاقي وأمني على هذه الحرب الصامتة لن يكون بعيدًا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :