facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أيُّ حزنٍ يمتدّ بين جمالٍ وجمال


د. حسين سالم السرحان
21-11-2025 09:51 PM

أيُّ بابٍ يُغلقُ اليوم في وجوهنا ونحن نُشيّع رجلًا لم يكن منصبه منصبًا، بل كان زعامةً تمشي على قدمين، ورحمةً تتدثّر بالهيبة، ورجولةً تعرف كيف تضع قلبها في يد الوطن.

رحل معالي الشيخ جمال حديثة الخريشا؛ الضابط السابق في الجيش العربي الذي حمل بسالة الجندية معه أينما حلّ، ثم عاد إلى الناس قائدًا وشيخًا وسندًا، لا يضيق بأحد، ولا يغلق بابه أمام محتاج.

كانت آخر مرة التقيت فيها بالراحل الكبير خلال تأبين الفقيد العين جمال الشوبكي رحمهما الله، وكأن القدر يعدّ قلوبنا لفقدٍ آخر، كله وجعٌ وحزنٌ على رحيل الرجال المحترمين.

رأيت أبا حديثة واقفًا عند مدخل المركز الثقافي الملكي، يستند إلى إرهاق الأيام، وتشي ملامحه بعمق التعب والحزن. عدتُ إليه على درجات المدخل، ألقيت التحية وقبّلته وكأنها قبلة وداع، وأعدت إليه اسمي تحسّبًا للنسيان بعد سنوات الغربة الطويلة التي عشتها خارج الوطن.

لكنه ابتسم… تلك الابتسامة التي لا تشبه سواها، وقاطعني قبل أن أكمل قائلًا: “انت فلان… يا هلا بالخال.”
يا الله… ما أجمل لغة الأردنيين الكبار حين يدعونك بالقربى، كأنهم يوسّعون لك صدر العشيرة كلها في كلمة واحدة.

وقبل أن أغادر قال لي: “نتقهوّى مع بعض إذا ما انت مروح للديرة.” كانت دعوة عابرة، لكنها اليوم تصبح جرحًا مقيمًا… وعدًا لم يمهلنا الوقت لنتمّمه. ودّعته بحرارة على أمل لقاءٍ قريب، لكن الأيام أسرع مما نعتقد، وأقسى مما نظن.

يرحل الكبار، وتبقى المرارة في قلوبنا. لا نحزن لأنهم غادروا فقط، بل لأننا لم نقترب منهم كما يجب؛ فهؤلاء الزعماء الحقيقيون… الذين لا ترفعهم المناصب، بل ترفعهم الأفعال، يتركون في غيابهم فراغًا لا يملؤه أحد.

سلامٌ عليك يا أبا حديثة…
سلامٌ على سيرتك التي تُروى… وتُفتقد… وتُحب.
رحمك الله رحمةً واسعة،
وإنا لله وإنا إليه راجعون.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :