حرمان الأردني لصالح العمالة الأجنبية… نزيف اقتصادي يجب أن يتوقف
المحامي حسام العجوري
23-11-2025 07:08 PM
تشير الأرقام الرسمية إلى أن نحو 21٪ من قوة العمل في الأردن هي عمالة أجنبية، وهو رقم كبير يعكس حجم التحدي وتأثيره المباشر على فرص الشباب الأردني في سوق العمل. لم يعد المشهد خافيًا على أحد؛ الأردني يُحرَم من فرصة عمله داخل وطنه بينما تتوسع سيطرة العمالة الأجنبية على قطاعات كاملة في السوق المحلي. من الفنادق والمطاعم والمقاهي والمولات، إلى مشاريع الإنشاءات والخدمات السياحية، أصبحت الوظائف التشغيلية الأساسية تُمنح لعمالة وافدة، في الوقت الذي يقف فيه آلاف الشباب الأردني في طوابير البطالة ينتظرون ما هو حقٌّ له أصلًا.
هذا الخلل لم يعد مجرد ظاهرة، بل تحول إلى مشكلة وطنية تضرب الاقتصاد وتُضعف القدرة الشرائية وتُراكم الإحباط بين جيل كامل يبحث عن عمل كريم داخل بلده. الوظائف موجودة ولكنها ليست متاحة له، وأصحاب الأعمال يتجهون إلى العمالة التي تقبل برواتب متدنية وساعات عمل طويلة، ما يجعل الأردني غريبًا في سوق العمل داخل وطنه، وهو أمر غير منطقي ولا عادل.
المشكلة لا تتوقف عند حرمان المواطن من وظيفته، بل تمتد إلى خسارة مالية مباشرة نتيجة تحويل ملايين الدنانير شهريًا إلى الخارج عبر العمالة الوافدة، ما يسبب ضعفًا في الدورة الاقتصادية المحلية وتراجعًا في مستوى الإنفاق داخل السوق، ويشكّل نزيفًا ماليًا مستمرًا يضغط على النمو ويعمّق التحديات الاقتصادية.
ومع انتشار العمالة غير المرخصة وتغلغلها في قطاعات تشغيلية يمكن أن تستوعب الشباب الأردني، ترتفع البطالة، وينخفض دخل الأسر، ويتراجع الاستقرار الاجتماعي، وتفقد الدولة قوة شبابية قادرة على الإنتاج. السوق أصبح مختلًا ويحتاج إلى تدخل واضح يعيد التوازن ويحمي الوظائف لأصحابها الحقيقيين.
ومن هنا تأتي الرسالة المباشرة إلى وزير العمل ومجلس النواب: حماية سوق العمل ليست خيارًا ثانويًا ولا قضية هامشية، بل هي واجب وطني وتشريعي. المطلوب هو إلغاء توظيف العماله الأجنبية بشكل مطلق الا إذا تعلق الأمر أن يكون هذا التشغيل ضرورة وطنية و ملحه و فرض نسب تشغيل حقيقية للأردنيين فقط و تحسين ظروف العمل لجعل المهن التشغيلية جاذبة، ربط التدريب بالحاجة الفعلية، وإعادة تنظيم استقدام العمالة بحيث لا يكون بديلاً عن الأردني.
حرمان الأردني من وظيفته لصالح العمالة الأجنبية ليس مجرد خلل إداري؛ إنه نزيف اقتصادي واجتماعي يجب أن يتوقف فورًا. ففرص العمل حق وطني، والاقتصاد لا ينهض إلا عندما يحصل أبناء البلد على مكانهم الطبيعي في سوق العمل.