facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحوكمة المبتكرة .. بوابة الجامعات الأردنية إلى مستقبل أكثر استدامة


قصي حمدان الجمال
25-11-2025 01:24 PM

تشهد منظومة التعليم الجامعي اليوم تحولات جوهرية تتجاوز حدود المناهج والبرامج الدراسية، لتصل إلى عمق نموذج الجامعة نفسها: دورها، رسالتها، أدواتها، وإسهامها في التنمية الوطنية. وفي هذه المرحلة البالغة الحساسية، لم يعد ممكنًا إدارة الجامعات بالأساليب التقليدية أو بنهج إداري يعتمد على الاستجابة البطيئة.

إن الحوكمة المبتكرة أصبحت ضرورة لا يمكن تجاهلها، وليست خيارًا تنظيريًا أو رفاهية إدارية.

تقوم الحوكمة الحديثة على القدرة على قراءة التحولات الكبرى، ليس فقط في قطاع التعليم، بل في الاقتصاد، والتكنولوجيا، وسلوك الطلبة، وسوق العمل. فالتعليم لم يعد مجرد عملية نقل معرفة، بل أصبح منظومة تفاعلية تصنع مهارات جديدة، وتحتضن الابتكار، وتواجه تحديات غير مسبوقة: الذكاء الاصطناعي، الرقمنة الشاملة، التعليم الهجين، وتزايد الطلب على الكفاءات المتخصصة.

ولذلك فإن الجامعات التي تملك نماذج حوكمة مرنة، جريئة، وقابلة للتطوير، هي وحدها القادرة على قيادة هذا التحول.

الحوكمة المبتكرة لا تعني تغيير الهياكل فقط، بل تعني تغيير العقلية:

عقلية تقبل التقييم المستمر، وتعترف بالقصور، وتبحث عن حلول جديدة بدل تكرار الحلول القديمة. وهي كذلك منظومة تعزّز الشفافية، وتمنع تضارب المصالح، وتضمن اتخاذ القرارات وفق معايير موضوعية، لا وفق الضغوط أو المصالح الضيقة.

ومن هنا تأتي أهمية ترسيخ دور الجامعات كمراكز رئيسة لإنتاج المعرفة لا كمؤسسات تعليمية تقليدية. فالجامعة التي تنتج معرفة جديدة، وتنخرط في البحث العلمي الفاعل، وتبني شراكات اقتصادية وتكنولوجية، تصبح تلقائيًا محرّكًا للنهضة والتنمية المستدامة. في المقابل، الجامعة التي تنشغل بإدارة التفاصيل اليومية دون رؤية استراتيجية تفقد دورها الحقيقي وتتحول إلى مؤسسة بلا تأثير.

إن الجامعات الأردنية تمتلك فرصة ذهبية اليوم لإعادة التموضع، بشرط أن تُعيد النظر في نماذج الحوكمة القائمة، وأن تستثمر بجرأة في تطوير مجالس الأمناء، وتمكين القيادات الأكاديمية، وتعزيز استقلالية القرار، وربط الأداء بالإنجاز الحقيقي. فالحوكمة ليست نظامًا رقابيًا فحسب، بل هي البوصلة التي تحدد اتجاه الجامعة وقيمتها المستقبلية.

ومع تعاظم دور التعليم في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف الاستدامة الشاملة، تصبح الحوكمة المبتكرة عاملًا حاسمًا في بناء جامعات قادرة على:

إنتاج المعرفة،

استشراف المستقبل،

جذب الكفاءات،

وصناعة أثر حقيقي في المجتمع.

ويبقى التحدي الأكبر في قدرتنا على تحويل هذه الرؤية إلى ممارسة. فالمستقبل لن ينتظر، والجامعات التي تتبنى الحوكمة المبتكرة اليوم، ستكون هي التي تقود التنمية غدًا.

* مدرب الحوكمة وإدارة المخاطر والامتثال





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :