في ذكرى استشهاد وصفي التل
أ.د.فيصل الرفوع
29-11-2025 10:47 AM
في ذكرى استشهاد وصفي التل، 1971/11/28، نقف أمام رجلٍ لم يكن قائداً فحسب، بل ضمير وطنٍ كامل. جسد معاني الاستقلال، والصلابة، والقدرة على القول والفعل معاً. لم يكن يخشى الحق، ولم يعرف المساومة في الثوابت، وظل يؤمن بأن الأردن أرضٌ تُصان بالرجال، وبالهويّة الوطنية الأصيلة، وغير القابلة للبيع ولا التفريط ولا التذويب.
اليوم، ونحن نستعيد صورته، نرى ما كان يحذّر منه يعود بأشكال جديدة؛ نرى الهوية الوطنية الأردنية تُستباح حين تُفتح أبواب التجنيس بلا معايير وطنية، عادلة وواضحة، ونرى الخطر حين يُعبث بالتركيبة الديمغرافية لوطنٍ قام بتضحيات عشائره على مدى قرنٍ كامل،
ونرى الأجندات التي تتغذّى على فكرة الوطن البديل، محاولةً أن تتسلل إلى القرار والوعي والمسار.
نؤمن كما آمن وصفي:
الأردن ليس بديلاً لأحد، ولا مشروعاً احتياطياً لأي طرف. هو وطن مكتمل الأركان والجذور والذاكرة، له تاريخه ورايته وشعبه ودمه الممتد من إربد إلى السلط، و عمان و الكرك. ومن معان إلى عجلون وجرش والمفرق ومأدبا والطفيلة والزرقاء ، ومن البادية إلى الغور، ومن الهضبة إلى العقبة.
لسنا ضد احتضان الإنسان المظلوم ولا مناصرة قضايا الأمة، فهذا جزء من رسالتنا التاريخية، لكننا ضد أيّ محاولة لتذويب الأردن أو استبدال هويته أو طمس سرديته التأريخية.
نحن مع العدالة، ومع الحقوق، ومع الإنسانية،لكننا قبل كل شيء مع بقاء الأردن كما أراده وصفي وهزاع و حابس، ورفاقهم: دولة صاحبة كيان وهوية وسيادة غير قابلة للتفاوض.
في هذه الذكرى، نجدد العهد لروحك يا وصفي:
… أن نحمي الأردن كما حماه الرجال بدمهم لا بالكلام.
… أن نحفظ هويتنا كما نحفظ أسماء آبائنا.
…أن يبقى الأردن وطناً أبدياً ثابتاً لعشائره، لا بديلاً لأي كان.
رحم الله وصفي التل، ورحم الله كل من جعل للأردن هيبةً لا تنكسر.
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون..صدق الله العظيم).