إزالة الشيوع والإفراز القضائي .. توزيع الحقوق وتحريك الاقتصاد
المهندس مازن الفرا
01-12-2025 11:35 PM
تواجه المملكة تحديًا متزايدًا في ملف الشيوع العقاري، حيث تتجمّد مساحات كبيرة من الأراضي تحت ملكيات مشتركة لسنوات طويلة، دون قدرة فعلية على بيعها أو تطويرها أو استثمارها. هذا الواقع لا يجمّد الثروة الوطنية فحسب، بل ويُعطّل جزءًا مهمًا من الحركة الاقتصادية.
ورغم أن الإفراز القضائي يمثل الحل القانوني والعملي لتوزيع الحقوق وتمييز الملكيات، إلا أن الإجراءات الطويلة والمتشابكة بين المحاكم والجهات الفنية ودائرة الأراضي تجعل الكثير من القضايا تدور في حلقات مفرغة دون حسم، ما ينعكس سلبًا على المواطنين وعلى الاقتصاد الوطني.
أولًا: أثر تأخير الإفراز على المواطن
إن تأخر البت في قضايا إزالة الشيوع يؤدي إلى:
• تجميد حقوق المواطنين لسنوات طويلة.
• عدم قدرة الورثة والشركاء على بيع حقوقهم أو رهنها أو تطويرها.
• تعطيل سيولة مالية كان يمكن أن تُسعف الأسر وتُحسن ظروفها الاقتصادية.
• استمرار الخلافات العقارية نتيجة بقاء الملكية المشتركة دون تمييز.
ويبقى المواطن خلال هذه المدة الطويلة منتظرًا الإفراج عن حقه ليستعيد قدرته على التصرف بملكه واستثماره وفق حاجاته.
ثانيًا: أسباب بقاء القضايا بلا حلول جذرية
1. تعدد الشركاء وكثرة الورثة وما ينجم عنه من اعتراضات متعددة.
2. نقص الكوادر الفنية المتخصصة مقارنة بحجم القضايا المتراكمة.
3. تشابك الإجراءات بين المحاكم ودائرة الأراضي والبلديات واللجان الفنية.
4. غياب مدد زمنية ملزمة للفصل في قضايا الإفراز وإزالة الشيوع.
5. الاعتراضات المتكررة التي تعيد الملفات إلى نقطة البداية.
هذه الأسباب مجتمعة تجعل من بعض معاملات الإفراز مسارات طويلة ومعقدة، رغم أن الإفراز في جوهره إجراء تنظيمي يهدف إلى تحديد الحقوق وتمكين أصحابها من التصرف بها بصورة واضحة.
ثالثًا: أهمية توزيع الحقوق عبر الإفراز لتحريك الاقتصاد
إن حسم قضايا الإفراز وإزالة الشيوع يحقق مجموعة من الفوائد الوطنية، أبرزها:
• تحرير الحقوق العقارية وتمكين المواطنين من استثمارها أو بيعها.
• زيادة حركة البيع والشراء وتنشيط سوق العقار.
• دعم قطاع المقاولات والبناء وإطلاق مشاريع جديدة.
• رفع قيمة الأراضي بعد تمييز الحقوق والملكيات.
• ضخ سيولة جديدة في الاقتصاد الوطني.
• تعزيز إيرادات الدولة دون فرض أي أعباء مالية إضافية.
فكل حق عقاري يُفرز… يتحول من ملكية مجمّدة إلى قيمة اقتصادية فاعلة.
الخلاصة
إن تسريع إجراءات إزالة الشيوع والإفراز القضائي ضرورة اقتصادية واجتماعية تتطلب:
• تحديد مدد زمنية ملزمة وواضحة لكل مرحلة من مراحل الإفراز.
• توحيد الإجراءات بين الجهات المعنية ومنع تضارب الصلاحيات.
• تعزيز الكوادر الفنية والخبرات اللازمة.
• اعتماد الرقمنة الشاملة للحد من التأخير والازدواجية.
إن توزيع الحقوق عبر الإفراز القضائي يشكل رافعة أساسية لإطلاق الطاقات العقارية الكامنة، وتمكين المواطنين من الاستفادة من ثرواتهم، وبناء اقتصاد أكثر ديناميكية واستقرارًا.
وللحديث بقية ...