facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




زيارة البابا لاوون إلى لبنان: بارقة أمل في زمن أزمات


د. باسمة السمعان
03-12-2025 06:22 PM

في أواخر نوفمبر – بداية ديسمبر 2025، وصل البابا لاوون إلى لبنان في زيارة رسولية وصفت بأنها «رسالة سلام وتضامن» مع شعب مرّ بأزمات متراكمة: انهيار اقتصادي، انفجار المرفأ 2020، نزوح وهجرة، توترات سياسية واجتماعية. زيارة تأتي في لحظة دقيقة من تاريخ لبنان — زمن ألم، خوف، ويأس — لكنها تحمل رمزية قوية: أن الكنيسة العالمية لا تنسى لبنان، وأن صوت الرجاء لا يزال ممكنًا أن يُسمع.

الزيارة أُعِدّت بدقة: استقبلته السلطات الرسمية والرؤساء الطوائفية، واستُقبلت من قبل أبناء الجاليات المسيحية والمجتمع المدني، في تعبير عن توق داخلي إلى «بصيص نور» وسط ظلمة الواقع.

خلال عظته في القداس على الواجهة البحرية في بيروت، دعا البابا لاوون الرابع عشر اللبنانيين إلى “بيت للعدل والأخوّة” وإلى أن يكونوا «نبوءة سلام لكل المشرق». كما خاطب الشباب مباشرة، سائلًا: "كيف نعطي لشبابنا أمل أن يبقوا في وطنهم؟" مشدّدًا على أن الهجرة ليست الحل، وأن بناء السلام والبقاء في الأرض عمل شجاع يستحق الاحترام.

وزار قداسته ضريح القديس مارشربل في عنايا، ورمزيّة هذه الزيارة كانت واضحة — قديس يجمع المسيحيين والمسلمين كرسالة تعايش وإيمان مشترك. وايضا زار مستشفى راهبات الصليب للطوباي يعقوب الكبوشي ، الذي كرس حياته للاهتمام بالفقراء المرضى والمهمشين والمنهكين من الحياة . كما وقف في صباح آخر أمام موقع انفجار مرفأ بيروت 2020، حيث صلّى بصمت، ووضع إكليل زهور، وأضاء شمعة على رفات الضحايا وقابل عائلاتهم المكلومة ، ودعا إلى العدالة والشفاء — مما أعطى حضورًا روحيًا ومعنويًا لمن يعانون من جراح لم تندمل

وفي لقائه مع المسؤولين والسياسيين، شدّد البابا على أن الكنيسة تهدف إلى بناء «حضارة محبة وسلام»، لا إلى دفع الناس للمغادرة.
كما أعاد تذكير العالم بأن لبنان بتعدديته الدينية والطائفية يمكن أن يكون منارة للحوار والتعايش — رسالة ليست للمسيحيين فقط، بل لكل اللبنانيين.

لا ننكر أن الزيارة حظيت بترحيب كبير: أكثر من 150,000 شخص حضروا القداس على الواجهة البحرية — رغم التحديات الأمنية والاقتصادية ، وكثيرون وصفوا الزيارة بأنها "بارقة أمل" — رسالة إلى العالم أن لبنان لم يُنسَ، وأن معاناة شعبه لم تمرّ دون تذكير.

أما في الكنائس، فقد عبّر رؤساء الطوائف المسيحية عن شكرهم للرعاية البابوية وعن تثمينهم لهذه اللحظة كدعم معنوي للجماعة المسيحية ولفكرة البقاء في الوطن.

لكن ليس الجميع رأى في الزيارة أكثر من شعارات جميلة ورسائل رمزية. بعض التحليلات أشارت إلى أن زرع الأمل دون معالجات جدّية قد يكون علامة على تفاؤل مفرط. في بلد يعيش انهيارًا اقتصاديًا يوميًا، لم تزل المشكلات المؤسساتية (الفقر، البطالة، الفساد، غياب العدالة) كامنة.

كما تساءل بعض اللبنانيين: هل كلماته — خاصة دعوته إلى البقاء وعدم الهجرة — واقعية في ظل انقطاع الكهرباء، ارتفاع الأسعار، تدهور الخدمات، وغياب الحلول؟ هل يكفي "الشكر لله" من على منبر علني لمحو وجع المواطنين؟

من جهة أخرى، يرى البعض أن التركيز على “التعايش بين الأديان” قد يُهمّش القضايا الداخلية الأكثر إلحاحًا: كحق المسيحيين في الأمن، في التعليم، في الحفاظ على هويتهم، وفي المشاركة الفعلية في بناء الدولة.

وأخيرًا، ثمة من يخشى أن تغدو زيارة كهذه — رغم صدق المقصد — مجرد لحظة إعلامية مؤقتة، تضيع آثارها سريعًا مع زحمة الأزمات اليومية، ما لم تتبعها خطوات عملية ملموسة.

ملخص الحديث ان زيارة البابا لاوون إلى لبنان لم تكن عابرة... لقد حملت رسالة سلام، رجاء، واحتضان لناس أنهكهم الزمن. أعادت إحياء إيمان البعض، منحت صوتًا لمن لم يعد يملك قوة الكلام، وأعطت للمهاجرين والمترددين رسالة: "أنت جزء من هذا الوطن".

لكن هذا النور يحتاج أن يُضمَّ إلى عمل سياسي، اجتماعي، إصلاحي حقيقي — ليس فقط دعوات روحية، بل خطوات ملموسة: إصلاح خدمات، محاسبة الفاسدين، دعم الشباب، تأمين الحقوق، وإعادة بناء الثقة بين الناس والدولة.

إن أراد لبنان أن يبقى لبنان، فإن زيارة البابا ستكون نقطة انطلاق — لكن المسيرة تبدأ حين يحمل كل لبناني في قلبه رسالة سلام، وتتبناها الأيادي والنيات الصالحة وتغليب المصلحة العامة على اي مصالح فردية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :