facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لماذا الأردن؟


م. عبدالفتاح الدرادكة
07-12-2025 02:42 PM

من خلال متابعاتي للمباريات الرياضية في كأس العرب، وقبلها في تصفيات كأس العالم، كانت تستوقفني بعض التحليلات التي يطلقها بعض المحللين—خصوصاً غير الأردنيين—حول الانجازات الرياضية للدول العربية . وقد لاحظت، في أكثر من مناسبة، أن الانجازات الاردنية يقلل منها وتقزم ، لا استناداً إلى تحليل موضوعي أو قراءة علمية لمسار تطور الكرة الأردنية وثبات أدائها وتاريخها وخصوصا بعد التتويج كوصيف لبطل اسيا في ظل ظروف يعلمها الجميع وكذلك بعد التأهل لكاس العالم ، بل انطلاقاً من مشاعر حقد وغيرة وحسد بنجاحات تتحقق بإمكانات محدودة مقارنة بما لدى غيره. ولا أنكر وجود محللين منصفين يقدّرون ما تحقق في الرياضة الأردنية وفي غيرها من المجالات، لكن صوت الحاقدين يعلو في هذه المناسبات، ربما تعبيرا عن غيرتهم مما يتحقق وحسدا لبلد ينجح رغم تواضع موارده.

ومن ناحية أخرى، وفي زمن تحوّلت فيه وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصّات مفتوحة لكل من شاء أن يتحدث، بتنا نرى بين الحين والآخر ان ما اشير اليه اعلاه في موضوع الرياضة ينسحب ايضا على المجالات الاخرى حيث يقوم أشخاصاً أو جماعات بتوجيه سهامهم نحو الأردن، يرمونه بالاتهامات الفارغة، ويشككون بدوره القومي والإقليمي وبمكانته التاريخية، بل ويذهب بعضهم إلى حد التخوين، وكأن أنظمتهم—ما شاء الله—نماذج للصمود والثبات ولم تُخترق يوماً، أو أنها لم تفتح أبوابها وسماءها للأجنبي. والغريب أن هؤلاء لا يوجّهون سهامهم إلى غيره من الدول، بل يغالون في مدح أنظمة أخرى مهما كان سجلّها هشّاً. وإن كان إبراز الحقائق والإنجازات في الأردن يُعدّ عند البعض نفاقاً أو “مسح جوخ”، فإن ما يمارسه بعض هؤلاء ضد الأردن هو في الحقيقة طمسٌ للتاريخ ومسخٌ للحقائق.

نحن لا نزعم أن الأردن بلغ الكمال أو وصل إلى أقصى الطموح؛ فما زالت البطالة والفقر تحديات قائمة، والوضع الاقتصادي—كحال المنطقة—يعاني ضغوطاً كبيرة. لكن قياساً على الإمكانات المتاحة والتحديات الداخلية والإقليمية، فإن ما تحقق في الأردن أفضل بكثير مما تحقق في محيطه. فالكهرباء والماء متوفرتان في كل بيت، والتأمين الصحي يشمل غالبية المواطنين، والبُنى التحتية من طرق واتصالات متقدمة، والتعليم العام والعالي يصدّر الكفاءات للمنطقة، ونسبة الأمية شبه معدومة، والحريات—على محدوديتها—أفضل بكثير مما هو متاح لدى معظم الجوار. هذه ليست مبالغات، بل حقائق ملموسة، والواجب إظهارها والبناء عليها.

إن من يتجنى على الأردن اليوم يتجاهل أنه لم يكن يوماً عالة على أحد، بل كان دائماً ركيزة استقرار ومحور اتزان في محيط مضطرب. ومن يهاجم الأردن أو يشكك بدوره فليتذكر الحقائق التالية:
• الأردنيون كانوا أول من تطوّعوا للقتال في فلسطين، وأول من دعم الثورات والمعارك البطولية دفاعاً عن الأرض والمقدسات. لا تزال معارك باب الواد واللطرون واللد والسموع وأسوار القدس شاهدة على بطولات الجيش العربي الأردني، يوم كان البعض غائباً أو متفرجاً. ومن يدّعي العكس فليقدّم دليله.
• هل كان الأردن أول من وقع اتفاقاً مع الكيان الصهيوني؟ بالطبع لا. فكامب ديفيد قبل الأردن، وأوسلو قبل وادي عربة ، والضفة الغربية انتزعت من المسؤولية الاردنية في القمة العربية في الرباط عام 1974 كاراضي احتلت منها الى اراض متنازع عليها بعد أن فُوّضت القمة اعلاه منظمة التحرير تمثيل الشعب الفلسطيني حصرياً. ومع ذلك لا تُوجَّه إليهم الاتهامات التي تُكال للأردن.
• الأردن لم يرسل جندياً واحداً لقتال دولة عربية كما فعل البعض في حفر الباطن، ولم يتدخل في شؤون الآخرين، بل على العكس، كثيرون تدخلوا في شؤونه الداخلية. ورغم ذلك بقي الأردن ثابتاً على مواقفه حتى وهو يواجه حصاراً ومقاطعة نتيجة موقفه الرافض للتدخل الأجنبي في العراق.
• أما اتفاقية وادي عربة وان كان موضوعها خلافيا قياسا على عدم إلتزام الكيان ، فقد جاءت بعد أن أصبحت القضية الفلسطينية بيد منظمة التحرير، فكان طبيعياً أن يسعى الأردن لحماية حدوده واستعادة أراضٍ وضمان حقوقه المائية، بينما امتنع بعض “الأشقاء” عن دعمه في أزماته المائية. ورغم ذلك بقي التطبيع الشعبي في الأردن مرفوضاً، بعكس دولٍ فتحت أبوابها وسمواتها على مصراعيها.
• لم يتورط الأردن في صراعات لبنان أو اليمن أو سوريا أو ليبيا أو السودان، وظلّ يقدم الدعم للأشقاء، خصوصاً في فلسطين وغزة، مادياً وإنسانياً وسياسياً. فمن يعتقد أن غيره قدّم أكثر، فليُظهر الدليل.
• الأردن لم يدعم أي تنظيم إرهابي؛ لا داعش، ولا النصرة، ولا القاعدة، ولا جند الشام. بل كان في طليعة من واجه هذه الجماعات، بينما كان بعض مَن يهاجمونه اليوم هم من موّلها خدمةً لأجندات خارجية.

فلماذا إذن يوجَّه الهجوم إلى الأردن؟ ولماذا يصفه البعض بـ“المصطنع”؟ إن كان الأردن مصطنعاً، فماذا عسى بقية الانظمة العربية ان تكون ،وماذا نستطيع ان نقول عن دول نشأت أنظمتها بعد النظام الأردني بسنوات طويلة؟ بل إن استقلال الأردن يسبق استقلال معظم الدول العربية.

الحقيقة أن هذه الحملات لا تفسير لها سوى الحسد والغيرة . فالأردن حقق ما عجزت عنه دول أغنى وأوسع:
— أمن واستقرار،
— وسمعة دولية محترمة،
— ومواقف أخلاقية ثابتة رغم قلّة الموارد.

يكفي أن نقول إنه لم تُسفك قطرة دم واحدة بين النظام والمعارضة، ولم تُسجّل إعدامات سياسية، ولا مقابر جماعية، ولا حروب أهلية. وبرغم اضطراب الإقليم من فلسطين إلى سوريا ولبنان والعراق، ظلّ الأردن ماضياً في دوره التنموي، مقصداً صحياً وسياحياً وصناعياً وزراعياً… فماذا يريد الحاقدون بعد؟

في الختام نقول لكل من يتجنى على الأردن: اتقوا الله في أوطانكم قبل أن تتهموا غيركم. ابنوا لبلدانكم كما بنى الأردنيون لبلدهم، وقدّموا لشعوبكم ما قدّمه الأردن لشعبه من أمن وكرامة واستقرار.

سيبقى الأردن—بقيادته الهاشمية الحكيمة وشعبه الواعي—قلب العروبة النابض، وصوتها العاقل، وسندها في الشدائد، مهما علت الأصوات الزائفة أو اشتدت حملات التشويه.

فالأردن كان وسيبقى وطناً عظيماً… قليل الامكانيات ، كبيراً بدوره وتاريخه وشعبه.

والله من وراء القصد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :