facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




دهشة التعلّم: عندما يصبح السؤال مفتاح المعرفة


الأب عماد الطوال
09-12-2025 11:03 AM

في مسيرة كل طفل نحو المعرفة هناك لحظة خفية لكنها حاسمة، لحظة يصعب التنبؤ بموعدها لكنها قادرة على تشكيل ملامح أعوامه الدراسية وتكوين رؤيته الذهنية للعالم، إنها اللحظة التي ينتقل فيها الطفل من السؤال الفضولي الطبيعي لماذا يحدث هذا؟ إلى السؤال القَلِق هل ستكون إجابتي صحيحة؟.

هذه اللحظة ليست مجرد تغير في طريقة التفكير بل هي انعكاس مباشر لبيئة تعليمية تقدّم المعرفة كحقائق مغلقة بدلًا من أن تجعل من التعلّم تجربة حية تُشعل التفكير وتحرّض الذهن على الاكتشاف.

قوة التساؤل:

التعلّم الحقيقي لا يقوم على الحفظ السريع أو الاستيعاب السطحي بل على السؤال والتجريب ومحاولة فهم الأشياء، فكم من طفل يدخل المدرسة محمّلًا بالأسئلة اليومية لكنه يخرج منها بسؤال واحد مؤرق "ماذا لو كانت إجابتي خاطئة؟.

وحين يتحوّل الامتحان إلى محور العملية التعليمية، ينحسر دور الطفل في التلقّي ويتقلص فضوله حتى يكاد يختفي، والحقيقة التي يجب ألّا تغيب عن أي مربي هي أن العقل الذي لا يسأل لا يتعلّم.

الدهشة محفّز أساسي للتعلم:

الدهشة ليست عنصرًا إضافيًا في الدرس بل هي محفّز جوهري يدعم الفهم ويعزّز ثبات المعلومات في الذاكرة، وتشير دراسات تربوية حديثة إلى أن دمج عنصر المفاجأة والتحفيز الذهني داخل الدرس يزيد من تفاعل الطلاب ويشجّعهم على المشاركة كما يساعد على ترسيخ المعرفة على المدى البعيد. فالدهشة ليست شعورًا عابرًا بل نافذة نحو الفهم العميق.

التعلم بالاكتشاف الذاتي:

ثمة فارق كبير بين أن يتلقّى الطفل قاعدة سمعها من المعلّم، وبين أن يشعر أنه اكتشفها بنفسه، الأولى تعليم أما الثانية فهي تعلّم، الاكتشاف الذاتي يمنح الطفل شعورًا بالتمكن والثقة ويهيئه لمواجهة المجهول في عالم تتغير فيه الوظائف والتقنيات يومًا بعد يوم. يقول جان جاك روسو في كتابه التربوي الشهير "إميل أو تربية الطفل" (Émile, ou De l’éducation): "اجعلوا الطفل يكتشف، ولا تُلقّنوه." "دعوا الطفل يتعلّم من الأشياء، لا من الكلمات."

أساليب تعليمية تُحيي الفضول

لخلق تجربة تعليمية فعّالة لا نحتاج إلى مزيد من المحتوى بقدر ما نحتاج إلى إعادة ترتيب طريقة تقديمه، نبدأ بما لا يتوقعه الطفل ونطرح أسئلة بسيطة الشكل لكنها عميقة الأثر، ليفتح ذهنه باب الاستكشاف، هذه الأساليب ليست ترفًا تربويًا بل أدوات لبناء مهارات التفكير العلمي والتحليل والاستنتاج.

المعلم الحقيقي لا يكتفي بشرح المعلومة بل يقود الطالب ليفكر ويعيد النظر ويصل بنفسه إلى الفهم، فالتعليم الذي يبدأ بالشرح يمنح معرفة سريعة الزوال بينما التعليم الذي يبدأ بالدهشة يصنع فهمًا راسخًا وفضولًا دائمًا.

بيئة صفية تُنمي الأسئلة

الصفوف التي تمنح السؤال موقع القيادة وتبدأ بالتجربة قبل التلقين تبني عقولًا مستعدة لمواجهة المستقبل، الأطفال لا يحتاجون دائمًا إلى محتوى أكبر أو تكنولوجيا أكثر بل يحتاجون قبل كل شيء إلى استعادة تلك اللحظة الأولى لحظة الاستغراب الصادق كيف يحدث هذا؟.

وكما يقول كين روبنسون "الفضول هو محرك الإنجاز" فالتعليم الذي يبدأ بالدهشة لا يصنع طلابًا أفضل فحسب بل يبني عقولًا تبحث وقلوبًا ترى العالم كما لو أنها تكتشفه للمرة الأولى في كل يوم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :