رحلة الهجن تواصل مسيرتها في أطول نسخها التاريخية عبر دروب الحجاج
15-12-2025 01:57 PM
* عبد الله حمدان بن دلموك: التعاون المؤسسي ركيزة أساسية في صون تراث الوطن
عمون - تواصل النسخة الثانية عشرة من رحلة الهجن، التي ينظمها مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، مسيرتها في عمق الصحراء الإماراتية، بمشاركة 29 مشاركًا من 18 جنسية مختلفة من المواطنين والمقيمين على أرض الدولة، ضمن رحلة تُعد الأطول في تاريخ القافلة، إذ تمتد لمسافة 1050 كيلومترًا على مدار 21 يومًا على ظهور الهجن، وسط الكثبان الرملية، وصولًا إلى القرية التراثية في القرية العالمية بدبي يوم 20 ديسمبر الجاري.
وانطلقت رحلة الهجن من منطقة السلع في العاصمة أبو ظبي، لتسلك القافلة على متن الهجن مسارًا تاريخيًا ارتبط عبر الزمن بطريق الحجاج الذي اتخذه أهل المنطقة في رحلاتهم، قاطعةً مسافة 1050 كيلومترًا وسط الكثبان الرملية، في رحلة تستعيد ملامح أحد أهم دروب القوافل في تاريخ المنطقة.
ويمتد خط سير الرحلة عبر عدد من المحطات البارزة، شملت ندّ الشبا، وقرن وكر العقاب، ورقعة روضة، ورملة ساحب عظيبة، والهرِه، ورملة بن مريود، والعبدلية، وجنوبي بو بلق، وجنوبي بطين ليوا، وغربي محمية المها العربي، وسبخة الدعيسية، ومحمية المها العربي، وسيح الحايرة، حيث وصلت القافلة إلى منطقة خريمة بالعباس في طريقها إلى سبخة بوهمامة، مرورًا بجنوبي الخزنة بدع عامر، ونقا حمدان، والعجبان رملة مدران، وسيح السلم، وصولًا إلى القرية التراثية في القرية العالمية بدبي يوم 20 ديسمبر الجاري.
الشركاء الداعمون ركيزة نجاح مسيرة رحلة الهجن
وتواصل قافلة النسخة الثانية عشرة من رحلة الهجن مسيرتها بقيادة سعادة عبد الله حمدان بن دلموك، الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، في رحلة تجسّد روح التعاون الوطني والعمل المؤسسي المشترك، الذي كان له الدور الأبرز في إنجاح هذا الحدث التراثي النوعي.
وأعرب سعادته عن شكره وتقديره لجميع الهيئات والمؤسسات الوطنية التي أسهمت في دعم الرحلة، وفي مقدمتها مؤسسة إسعاف دبي، وهيئة البيئة في أبو ظبي، وشرطة دبي، وشرطة أبوظبي، إلى جانب عدد كبير من الشركاء الاستراتيجيين، مؤكّدًا أن هذا الدعم يعكس التزامًا وطنيًا صادقًا بالحفاظ على التراث وتعزيز الهوية الثقافية لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وأشار بن دلموك إلى أن رحلة الهجن تمثّل نموذجًا حيًا للتكامل بين الجهات الوطنية، وتجسيدًا عمليًا للتعاون المثمر الذي يجمع مختلف المؤسسات الحكومية والوطنية في هدف واحد، يتمثّل في صون التراث ونقله إلى الأجيال القادمة بأسلوب عملي وتجربة واقعية.
وأضاف أن مساهمة هذه الجهات بخبراتها وإمكاناتها المتخصصة أسهمت في جعل الرحلة نموذجًا للتنسيق المثالي والعمل الجماعي، بما يعكس روح المسؤولية المشتركة والإرادة الوطنية في الحفاظ على التاريخ الثقافي لدولة الإمارات.
واختتم سعادته حديثه بالتأكيد على أن الحفاظ على التراث واجب وطني، وأن مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث يعمل باستمرار على تعزيز هذا الدور من خلال شراكات فاعلة ومستدامة، مشددًا على أن دعم هذه المؤسسات يشكّل الركيزة الأساسية لترسيخ قيم التراث في وجدان الأجيال المقبلة.
سير الرحلة والتحديات الميدانية
وعن سير الرحلة قال بن دلموك: نقطع يوميًا مسافة تترواح بين 45 ـ 50 كلم، ويتم ذلك من معرفتنا الكاملة لجغرافية هذه المناطق من خلال الخبرات المتراكمة من رحلاتنا السابقة، واجهتنا بعض الصعوبات مع انطلاقة الرحلة، ولكن بفضل خبرة وإمكانيات الفريق المسؤول تمكنا من تجاوز هذه العقبات وحافظنا على التوقيت الموضوع مسبقًا لخط سير الرحلة.
وأشار إلى أن انطلاقة الرحلة شهدت بعض التحديات الميدانية، إلا أن خبرة الفريق المسؤول وجاهزيته أسهمتا في تجاوز تلك الصعوبات بكفاءة عالية، مع المحافظة على الجدول الزمني المحدد مسبقًا لمسار الرحلة، بما يضمن سلامة المشاركين واستمرارية المسير وفق الخطة المعتمدة.
كما أعرب قائد القافلة عن شكره وامتنانه الكبيرين لأهالي المناطق التي مرّت بها القافلة، تقديرًا لحفاوة الاستقبال وصدق المشاعر التي أحاطوا بها المشاركين، مؤكدًا أن هذا التفاعل العفوي يجسّد أصالة المجتمع الإماراتي وما يحمله من قيم راسخة في الكرم والمحبة وحسن الضيافة، وهي قيم متجذّرة في عادات أهل الإمارات وتُعد امتدادًا طبيعيًا لما نشأ عليه الآباء والأجداد، وتعكس روح التلاحم والتكافل التي تميّز المجتمع في مختلف مناطقه.
تحدٍّ واكتشاف
أشاد المشاركون في رحلة الهجن بالتجربة الاستثنائية التي يعيشونها في قلب الصحراء الإماراتية، مؤكدين أن تفاصيل الرحلة، من التنقّل على ظهور الهجن إلى الإقامة في الصحراء، تمثّل نافذة حيّة على التراث الإماراتي الأصيل، وتمنحهم فهمًا أعمق لمعاني الصبر والتحمّل والتكيّف مع البيئة الصحراوية.
وقالت الإيرلندية جييد لوكا، محللة سلوك، إنها كانت تنتظر الوقت الأنسب للمشاركة في هذه الرحلة، حرصًا على الاستعداد الذهني والبدني لما تحمله من تحديات خاصة، مشيرةً إلى أن البرامج التدريبية التي خضعت لها بإشراف مدربي مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، إلى جانب التوجيهات المستمرة من سعادة الرئيس التنفيذي، كان لها أثر بالغ في تمكينها من تجاوز العديد من الصعوبات التي واجهتها خلال هذه التجربة الغنية بتفاصيلها.
من جانبه، أكد أحمد ناصر لاري من دولة الإمارات أن الرحلة، رغم ما تتطلبه من جهد وتحمل، شكّلت تجربة متكاملة قائمة على التعاون والالتزام، لافتًا إلى أن التقيد بتعليمات قائد الرحلة والاستفادة من التدريبات المشتركة أسهما في تجاوز التحديات اليومية، مشددًا على الدور المحوري للناقة المرافقة له في الرحلة، من حيث قدرتها على التحمّل وجاهزيتها، إلى جانب العناية المستمرة بها، والتي تُعد عنصرًا أساسيًا في نجاح المسير.