تنظيم شحن المركبات الكهربائية… خطوة ضرورية لاستقرار الشبكة وحماية المستهلك
م. عيسى أبو حمور
16-12-2025 10:21 AM
يشهد قطاع المركبات الكهربائية في المملكة الأردنية الهاشمية نمواً متسارعاً، رافقه انتشار واسع لمحطات الشحن التجارية في مختلف المحافظات. هذا التطور الإيجابي، ورغم أهميته البيئية والاقتصادية، يستدعي في المقابل إطاراً تنظيمياً ورقابياً واضحاً يضمن العدالة، والشفافية، واستقرار الشبكة الكهربائية، وبما ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي للأردن.
أولاً: قاعدة بيانات وطنية ومزامنة زمنية إلزامية
تبرز الحاجة إلى إنشاء قاعدة بيانات وطنية موحدة تشمل جميع محطات الشحن التجارية المرخصة، على أن تكون مرتبطة بنظام مزامنة إلزامي للتاريخ والوقت. هذه الخطوة أساسية لمنع أي تلاعب محتمل ببيانات الشحن أو الفوترة، وتمكين الجهات المختصة من تتبع العمليات وتحليل الاستهلاك، بما يعزز حماية المستهلك ويكرس مبادئ الشفافية والحوكمة.
ثانياً: جهة رقابية مختصة بالتحقق والمعايرة أثناء الخدمة
من الضروري العمل على إنشاء جهة رقابية أو إطار مؤسسي واضح، تتكامل فيه أدوار وزارة الطاقة والثروة المعدنية وهيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، وبالتنسيق مع مؤسسة المواصفات والمقاييس الأردنية (JSMO)، بحيث تتولى هذه المنظومة مهام الكشف والتحقق والمعايرة الدورية للشواحن الكهربائية أثناء الخدمة (In-Service Verification).
ويأتي ذلك ضمن الأدوار الوطنية المنوطة بهذه الجهات، حيث تُعد JSMO المرجعية الفنية والمترولوجية المعتمدة لوضع المعايير وآليات التحقق، فيما تضطلع وزارة الطاقة والهيئة التنظيمية بدور الإشراف والتنظيم وضمان الالتزام، بما يحقق دقة قياس الطاقة الكهربائية (kWh)، وعدالة التسعير، وحماية حقوق المستهلك، وتعزيز الثقة في قطاع شحن المركبات الكهربائية.
ثالثاً: خطة شمولية لاستقرار الشبكة الكهربائية
إن التوسع في شحن المركبات الكهربائية يفرض تحديات جديدة على الشبكة الكهربائية، خاصة خلال فترات الذروة. ومن هنا، تبرز أهمية إعداد خطة وطنية شمولية لإدارة أحمال الشحن، بالتنسيق بين الجهات التنظيمية وشركات التوزيع ومشغلي محطات الشحن، بما يضمن استمرارية الخدمة وعدم التأثير على موثوقية الشبكة الكهربائية.
رابعاً: استراتيجيات تشغيل ذكية خلال الذروة
يتطلب تحقيق الاستقرار الكهربائي تبني استراتيجيات تشغيل مرنة لمحطات الشحن خلال فترات الذروة القصوى، مثل التحكم بالقدرة المصدرة، وجدولة الشحن، أو تطبيق حوافز زمنية. وتُعد هذه الإجراءات جزءاً من التحول نحو شبكات كهربائية ذكية قادرة على الاستجابة للأحمال المتغيرة بكفاءة عالية.
خلاصة
إن تنظيم قطاع شحن المركبات الكهربائية لم يعد خياراً، بل ضرورة وطنية تواكب التحول نحو النقل المستدام، وتحمي المستهلك، وتعزز كفاءة استخدام الطاقة. كما يشكل هذا التنظيم ركيزة أساسية لدعم النمو الاقتصادي وتحقيق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي للأردن، وبما يرسخ مكانة المملكة كنموذج إقليمي في إدارة الطاقة والنقل المستدام.