facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




السردية الوطنية في الدراما الأردنية


د. محمود عبابنة
16-12-2025 01:51 PM

في الآونة الأخيرة شاع الحديث عن معنى ومفهوم السردية الأردنية ، واستمعنا الى محاضرات قيمة من باحثين ومتخصصين سياسيين ومؤرخين ، وقرأنا العديد من المقالات لكتاب وازنين واستقر المفهوم العام المشترك بينهم على ان المقصود بالسردية هي : رواية الأحداث التي مر بها الأردن وتوثيقها منذ فترة النشوء وحتى أيامنا المعاصرة ، وقد مر الأردن بالعديد من الأحداث المفرحة والحزينة وصنع انتصارات وتكبد انكسارات ، مال ذات اليمين ومال ذات الشمال ، انحنى للعواصف ولكنه وقف صامداً ، حقق كثيرا من الإنجازات واخفق في كثير من المجالات .... حاله حال الدول والشعوب الأخرى .

لكن حال الشعوب والدول الأخرى وكما هو مفترض أن تعظم الومضات المضيئة في تاريخها واستعراض تضحيات أبناءها وبطولاتهم لتتشربها الأجيال ، من أجل تغذية الحس الوطني لدى أبناءها ولتعزيز إنتمائهم لبلدهم وتاريخهم ضمن ما يسمى بالقوة الناعمة مثل التي تستخدمها حاليا تركيا في تمرير كل ما تريد من خلال عشرات المسلسلات التاريخية التي تعيد تشكيل عقلية كل من يشاهدها ليتعاطف مع الأرث والتاريخ التركي، للسردية الوطنية أكبر الأثر في تشكيل الوجدان الوطني ولذلك يزرعونها في المناهج المدرسية ويعرضونها في المهرجانات ويحتفلون بها في المناسبات الوطنية ، ويوثقونها بالكتابة وبالصوت والصورة ، والأخيرة هي من أهم هذه الوسائل لتعزيز الروح الوطنية نظرا للتأثير الحسي والسمعي والمرئي ، وهذا هو دور الدراما في كل بلد فربما يكون تأثير مسلسل تلفزيوني وازن حول قضية تاريخية أو وطنية تأثيراً يفوق مئات المرات محاضرة هنا وهناك أو دراسة محفوظة في المكتبات العامة ، فمثلاً : تتفاعل مع مسلسل " التغريبة الفلسطينية " للمؤلف وليد سيف وللمخرج حاتم علي الذي يصور مأساة النكبة ويغنيك عن عشرات الكتب والمحاضرات ، وتتفاعل أكثر مع المسلسل المصري" الملك فاروق"عندما تحيط بحقبة تاريخية فريدة في تاريخ مصر،ويروي المسلسل السوري" الزير سالم " ظمـأك عندما تتطلع على تاريخ القبائل العربية قبل الإسلام ، ويطلعك مسلسل "الولادة من الخاصرة "على إرهاصات الانتفاضة السورية ، وينقل لك المسلسل الجزائري " سنوات الجمر" أحداث ووقائع الثورة الجزائرية المجيدة التي تسيطر على وجدان الشعب الجزائري وتزيد من عنفوانه وكبريائه.

الأردن على الرغم من تقدمه في كثير من مناحي الريادة على المستوى العربي ، فالدراما الأردنية التي سجلت نجاحاً وتألقت في فترة السبعينيات والثمانينيات وما زلنا نذكر مسلسلات" حارة ابو عواد" ، و "حدث في المعمورة" ، و"الكف والمخرز" ، " وقريه بلا سقوف" وغيرها مما لا نذكر، ونفخر بكثير من الممثلين أمثال : محمود ابو غريب ، جميل عواد، نبيل المشيني، موسى حجازين ،زهير النوباني ، ناريمان عبد الكريم ، ربيع شهاب ، عبير عيسى ، ورشيدة الدجاني ، وغيرهم ممن لا تسعفنا الذاكره بإيراد أسمائهم.

لقد كانت هذه الدراما الناجحة ذات قدرة على كشف الحياة الإجتماعية والظروف المعيشية وما مر به المجتمع الأردني في فترة السبعينيات والثمانينيات ، ورغم انتاج بعض الأفلام الوثائقية عن الثورة العربية الكبرى وكذلك عن حياه الشهيد وصفي التل ، الا ان الجمهور الأردني بقي متعطشا لدراما أردنية سينمائية او تلفزيونية تصور هذه الثورة العروبية وهناك أحداث تدعو للاعتزازوالافتخار ، فحتى الأن لا يوجد مسلسل أو فيلم أردني يصور ويوثق "هية الكرك" ، أو"معركة اسوار القدس"، أو " معركه تل الذخيرة"، أو معركه " القدس القديمة" التي أنتصر بها الجيش الأردني عندما أستسلم مئات من عصابات الهاغنا ، أو "معركة الكرامة" عندما تحطم اسطورة الجيش الإسرائيلي ، أو أن يروي لنا قصة "سردية الاستقلال " ، أو " حادثة تعريب الجيش"، أو يروي حياة المغفور له الباني " الملك حسين" ،أو حياة الشهيد "وصفي التل "، أو الشهيد "هزاع المجالي" ، أو حياة شهيد فلسطين " محمد الحنيطي" ، أو عن حياة أول شهيد أردني على أرض فلسطين " كايد المفلح العبيدات" ، أو حياة الطيارين الأردنيين الشهداء الأبطال أمثال : فراس العجلوني ، ومعاذ الكساسبة ، أو عن حياة شاعر الاردن "عرار"، ، أو يتعرض لحقب سياسية " كحياة سكان شرق الاردن ايام الحكم العثماني " ، أو رصد الحياة السياسية وتصوير أحوال المملكة في عهد حكومة " توفيق ابو الهدى" أو حكومه " سليمان النابلسي ".

يضم الأردن نخبة من الممثلين المتميزين الذين شاركوا في أعمال عربية كبرى، وتميّزوا بالقدرة على أداء أدوار تاريخية وبدوية واجتماعية بإتقان ، يمتلك هؤلاء الممثلون حضوراً قوياً وقاعدة جماهيرية واسعة ، حتى إن بعض الممثلين الأردنيين خرجوا إلى الفضاء الإقليمي العربي وصرنا نسمع عن ممثلين أمثال : الممثل " إياد نصار" ، والممثلة " صبا مبارك " ، و الممثل " منذر الرياحنة" ، والممثله " جولييت عواد" ، والممثله "نادرة عمران" ، يشاركون في اكبر المسلسلات التاريخية على مستوى الوطن العربي .

والسؤال لماذا اخفقت الدراما الاردنية في تجسيد السردية الأردنية تاريخا وجغرافيا في مسلسل واحد على الأقل يسلط الضوء على منجز تاريخي ، او على شخصية نعتز بها ، او على معركه انتصرنا بها ، او على تحد تجاوزه الأردنيون ، هل ذلك يعود الى عدم وجود كتاب للنصوص الروائية التاريخية ، ام لنقص في التمويل وغياب للمنتجين ، ام لغياب ادارة تسويق قويه تبرز الانجازات الاردنية ؟!

نعتقد ان على وزارة الثقافة ونقابة الفنانين والتلفزيون الأردني ومراكز الانتاج ان تفكر في هذا الاخفاق المشهود وتنهض بصناعه الدراما الأردنية ، لتواكب المستوى الثقافي المتفوق للأردن والذي جسده كثير من الكتاب والروائيين الأردنيين الذين نالوا الجوائز والتقديرات " جائزة البوكر العربية "، التي ربما تترجم اعمالهم الى أعمال درامية في دول غير الأردن ومثال ذلك : ما حصل في سوريا عندما جسد أخوتنا السوريون رواية "عندما تشيخ الذئاب " للكاتب الاردني جمال ناجي الى مسلسل تم عرضه في عام 2019 على الشاشه السورية ، ويظل الخوف على رواية " دفاتر الوراق " لجلال برجس التي تتحدث عن عمان وسكانها وحواريها وعلى هذا المنوال صدرت أكثر من رواية تتحدث عن عمان ومنها على سبيل الذكر وليس الحصر :- رواية " دفاتر الطوفان " لسميحه خريس ، رواية " أبناء القلعة " لزياد قاسم ، رواية "جنة الشهبندر" لهاشم غرايبة ، ورواية " حكي القرايا " لرمضان الرواشدة التى تتحدث عن منطقة وادي موسى.

رغم كل هذا الزاد الأدبي الوفير إلا أننا نستمر بتقديم الرديء والهابط فإذا كان مسلسل إجتماعي يجري تصويره في شقة ويتصنع بعض الممثلين مواقف لا يأخذ بجديتها أطفال الروضة ، ونستجدي الضحك بالكلمات البذئية والأدوار السخيفة ، أما إذا عدنا إلى الدراما البدوية التي أبدعنا فيها في السبعينيات والتي مضى عهدها ، فأننا مازلنا نكرر ونقلد مسلسل " وضحى وابن عجلان" ،ومسلسل " رأس غليص"ولكن بنسخ رديئة جداً.

mababneh2012@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :