facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الذكاء الاصطناعي في الطب: بين دعم القرار وارباك العلاقة مع المريض


الدكتور عدنان أبو حمّور
18-12-2025 05:11 PM

انبثقت فكرة إعداد هذا المقال من الواقع العملي والممارسة الطبية اليومية، حيث أصبح استخدام المرضى لأدوات الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence – AI) في البحث عن التشخيصات المحتملة، والأمراض، وخيارات العلاج ظاهرة متزايدة ومألوفة.

ورغم أن هذا السلوك يعكس رغبة مشروعة لدى المرضى في الفهم والاطمئنان والمشاركة في القرار الطبي، إلا أنه في كثير من الأحيان أفرز تحديات حقيقية أثّرت بشكل مباشر في العلاقة بين الطبيب والمريض.

نواجه يوميًا مرضى يصلون إلى العيادات وهم يحملون تشخيصات افتراضية، أو مخاوف غير مبررة، أو مقترحات علاجية مبنية على معلومات غير مكتملة أو مبتورة، وأحيانًا غير دقيقة، قدّمها الذكاء الاصطناعي دون القدرة على الربط السريري الشامل أو فهم السياق الطبي الكامل للحالة. وقد نتج عن ذلك تراجع في الثقة بالتشخيص الطبي، وازدياد في القلق، وفي بعض الحالات اتخاذ قرارات علاجية خاطئة أو غير مناسبة لمصلحة المريض.

من هنا جاءت الحاجة إلى هذا المقال، لا لرفض الذكاء الاصطناعي أو التقليل من أهميته، بل لتقويم استخدامه ووضعه في إطاره الصحيح، بما يخدم المريض والطبيب معًا، ويحافظ على جودة الرعاية الطبية وسلامة القرار العلاجي.

أولًا: ما هو الذكاء الاصطناعي في الطب؟

الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي هو مجموعة من الأنظمة والخوارزميات القادرة على تحليل كميات ضخمة من البيانات الصحية، وربط المعلومات السريرية، واقتراح احتمالات تشخيصية أو علاجية، اعتمادًا على قواعد بيانات واسعة ونماذج تعلم آلي متقدمة.

وتشمل أبرز تطبيقاته:
• اقتراح التشخيصات المحتملة
• تحليل الصور الطبية، مثل الأشعة والتنظير
• دعم القرار الطبي والعلاجي
• متابعة الأمراض المزمنة
• التثقيف والتوعية الصحية

ثانيًا: الفوائد المحتملة لاستخدام الذكاء الاصطناعي
1. تعزيز وعي المريض

يساعد الذكاء الاصطناعي المرضى على فهم أمراضهم بصورة مبدئية، ويرفع مستوى الثقافة الصحية، ويشجع على طرح الأسئلة الصحيحة أثناء الزيارة الطبية.

2. دعم القرار الطبي

يُعد أداة مساعدة للطبيب في تحليل كمٍّ كبير من المعلومات الطبية، وقد يساهم في تسريع الوصول إلى التشخيص في بعض الحالات، خصوصًا المعقدة أو النادرة.

3. تحسين الوصول إلى المعلومات الصحية

يوفر سهولة الوصول إلى التقارير والمفاهيم الطبية، ويدعم المرضى في المناطق النائية أو محدودة الخدمات الصحية.

ثالثًا: المخاطر والسلبيات

1. المعلومات غير المكتملة أو المبتورة

الذكاء الاصطناعي لا يملك القدرة على:
• إجراء الفحص السريري
• قراءة لغة الجسد وتعابير الألم
• فهم السياق النفسي والاجتماعي للمريض

2. إثارة القلق غير المبرر

قد يؤدي تضخيم احتمالات الأمراض النادرة إلى خلق هواجس مرضية رقمية (Cyberchondria)، وزيادة القلق دون مبرر طبي.

3. التشخيص الخاطئ أو المضلل

الاعتماد على أعراض عامة دون ربطها سريريًا، أو تجاهل التشخيصات التفريقية، قد يقود إلى استنتاجات غير دقيقة.

4. تقويض الثقة بين الطبيب والمريض

من خلال التشكيك في رأي الطبيب، أو مقارنة الخبرة الطبية البشرية بإجابات آلية غير مخصصة للحالة الفردية.

رابعًا: تأثير الذكاء الاصطناعي على العلاقة بين الطبيب والمريض

من وجهة نظر المريض:
• شعور بامتلاك المعرفة
• رغبة أكبر في المشاركة في القرار الطبي
• خوف من إغفال تشخيص خطير

من وجهة نظر الطبيب:
• ضغط إضافي لتبرير القرارات الطبية
• استنزاف وقت الزيارة السريرية
• تحدٍ للحكم السريري والخبرة التراكمية

خامسًا: محاولات المرضى للتأثير على التشخيص والعلاج

من المظاهر الشائعة:
• اقتراح فحوصات غير ضرورية
• الإصرار على أدوية معينة
• رفض التطمين الطبي
• تحدي الحكم السريري للطبيب

سادسًا: كيفية التعامل مع هذه التحديات

1. تعزيز التواصل الفعّال

من خلال الاستماع لمخاوف المريض، وشرح الفروقات الجوهرية بين الذكاء الاصطناعي والتقييم السريري المباشر.

2. تثقيف المرضى

بتوضيح حدود الذكاء الاصطناعي، وتشجيع استخدامه كمصدر داعم للمعلومة، لا كبديل عن الطبيب.

3. تثبيت دور الطبيب كمرجع نهائي

فالقرار الطبي يجب أن يبقى بيد الطبيب، ويُستخدم الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة فقط.

سابعًا: الإطار القانوني والتشريعي

1. حماية البيانات والخصوصية

ضرورة تنظيم الوصول إلى المعلومات الطبية، ومنع إساءة استخدام البيانات الصحية.

2. المسؤولية الطبية

الذكاء الاصطناعي لا يتحمل المسؤولية القانونية، ويبقى الطبيب ومقدم الخدمة الصحية المرجع النهائي.

٣. وصول المرضى للتقارير والفحوصات

من حق المريض الاطلاع على تقاريره، مع ضرورة وجود شرح طبي واضح ومرافق.

ثامنًا: قراءة المستقبل – إلى أين نحن سائرون؟
• توسّع استخدام الذكاء الاصطناعي في التشخيص المبكر
• زيادة دمجه في الأنظمة الصحية
• تشريعات أكثر وضوحًا وتنظيمًا
• تحوّل دور الطبيب من ناقل معلومات إلى قائد قرار

ويبقى التحدي الحقيقي هو تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والإنسانية في الطب.

تاسعًا: الحلول المقترحة للاستخدام الأمثل
• وضع إرشادات وطنية واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي
• تدريب الأطباء على دمجه بشكل مهني وأخلاقي
• توعية المجتمع بحدوده ومخاطره
• تعزيز الشفافية والمساءلة

الخلاصة

يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة حقيقية لتطوير الرعاية الصحية وتحسين جودة التشخيص والعلاج، لكنه في الوقت ذاته يحمل مخاطر واضحة إذا أسيء استخدامه أو أُخذ خارج سياقه الصحيح.

ويبقى الاستخدام الواعي والمتوازن، مع الحفاظ على الدور المحوري للطبيب، هو الطريق الأمثل لضمان أفضل النتائج الطبية، وحماية العلاقة الجوهرية بين الطبيب والمريض.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :