مع الدولة دائمًا .. وضد تمييع المسؤولية أحيانًا
المهندس احمد الغزو
20-12-2025 09:54 AM
نحن أبناء هذه الدولة، نقف في صفّها بلا تردد، ونحمي هيبتها، ونصون مؤسساتها، لأن الدولة الأردنية ليست حكومة عابرة، بل تاريخ، وتضحيات، ودستور، وعقد اجتماعي لا يُكسر.
لكن هذا الاصطفاف مع الدولة لا يعني الصمت عن أخطاء الحكومات، ولا تحويل النقد إلى تهمة، ولا تحميل الوطن وزر سياسات تنفيذية قابلة للخطأ والصواب.
من هنا، نفهم تجربة الأستاذ الكبير سمير الحياري، لا كصحفي يراقب من بعيد، بل كفاعل وطني مارس الصحافة باعتبارها أداة مساءلة لا أداة تزيين، ومنبرًا للدفاع عن الدولة عبر كشف الخلل، لا عبر التستر عليه.
في عمون، لم تُدار الصحافة بمنطق “رضا السلطة”، بل بمنطق مصلحة الدولة.
وهذا فارق جوهري يغيب عن كثيرين؛ فالدولة القوية لا تخاف من الكلمة، بل تخاف من الإعلام المكمّم الذي يصفّق حتى تقع الأزمات، ثم يبحث عن شماعة.
أما راديو نون، فجاء في لحظة اختلط فيها الإعلام بالضجيج، ليعيد الاعتبار للسياسة بوصفها نقاشًا عقلانيًا لا مزاودة فيه ولا تخوين.
مساحة تقول فيها الحكومة رأيها وتُسأل عن سياساتها، ويقول فيها المواطن رأيه بحرية، دون أن يُزجّ باسم الدولة في الدفاع عن أخطاء حكومية، ودون أن يُكسر الجسر بين الدولة والناس.
سمير الحياري، ابن السلط، المدينة التي علّمت الأردنيين أن الدولة تُبنى بالحكمة لا بالصراخ، وبالاختلاف المسؤول لا بالانقسام، وبالنقد من الداخل لا بالتحريض من الخارج.
ومن هذه المدرسة خرج موقفه: واضح، غير رمادي، لا يناور، ولا يساوم على الوطن.
نقولها بوضوح لا لبس فيه:
نحن مع الدولة… نعم.
لكننا لسنا مع أي حكومة تخطئ ثم تطلب من الإعلام أن يبرر، أو من المواطن أن يصمت.
نحن مع دولة تُحاسب، لا مع حكومات تُحصَّن من النقد.
والصحافة التي يمثلها سمير الحياري ليست خصمًا للدولة، بل خط دفاعها الأول، لأنها تكشف الخلل قبل أن يتحول إلى أزمة، وتقول الحقيقة قبل أن تُفرض الرواية من الخارج.
تحية لرجل فهم أن الكلمة السيئة تضر الدولة،
وأن الكلمة الصادقة — ولو كانت قاسية — تحميها.
هنا الأردن… وهنا صحافة الدولة، لا صحافة الحكومات.