الأردني العرجان يتفوق على المغربي ابن بطوطة باكتشاف الجبال والوديان
فريد ظفور
24-12-2025 11:03 AM
في البدء كانت الكلمة…
*النجم الاردني يسطع بالترحال :
ينبجس من ضلع صخور البترا من الغابة من البحر الميت من الصحارى والوديان والكهوف والمغاور ، هادراً ، نافراً ، ينضفر شعره الأصلع الأسود ، يترنح على شفرة سكين جرف الصخر المتهاوية المغموسة في صدر الارض ، حيث يمر برفقة اصدقائه وصديقاته، نشوان من خلال أغصان الأشجار والأعشاب و سعف النخيل البري ويتنهد ، بسمة، وضحكة وبأمل النصر الظافر متوجاً ، ثم يتضامن ، لينداح ههنا وههنا ، متقلباً في جسد وادي اليرموك ، دافيء ، متألقاً في نظارة عيونه البراقة ، متوثباً في السهول والصحارى والممرات الزئبقية والديقة المقلقة.
في مدى خفقة الأهداب ، ترقص الخناجر الولهى وتتقد الجمرات المضرمة وتنهمر ضحكة في إثر ضحكة : نجماً يلاحق نجماً ، يا لهذا الياسمين المتلألىء المنثور فوق العنبر الاسود.
قلبي المضنى، استعار جلدة الصبر ، مختلجاً ، منتفضاً : خفقة تلد من خفقة، سعف النخيل يحني عذبات اغصانه مطرقاً ، مفكراً ، واللحن الآبد الوحشي يمشط ذوائب الشعر النمينان المنسدل على القامة الفارعة.
ها قد جاء الرحالة الغازي للثلج الأبيض ، ليدق جرس الإنذار متحديا الرجل أسطورة الرحالة العرب ابن بطوطة المغربي ، بمسارات فوق البحر والنهر والسهل والوادي وعلى القمة في رؤس الجبال قائلا له : أنا وافيت ، هنا ، لأشيد أابناء النشامة مدنا ، خيرات ، ثروات معرفية وثقافية وأمنيات وتمنيات بتجدد ركوب أمواج التحدي في كل رحلة ومسار ، أملاً بأن أعرض ثقافة شعبي واتعرف على ثقافات البلدان الأخرى وأترك تذكارا مني فوق قمة شماء زينتها ألوان الأعلام والثياب من بقايا الجموع المتسلقة والمرتحلة وراكبة بساط الريح لتسجل لنفسها ولوطنها رقما قياسيا عالميا جديدا.
منذ يفاعة الصبا ونضج الوعي كانت الإمارات قريبةً من القلب، ولأنني كنت في ذلك الزمن البعيد .. أعشق التصوير عشقًا جارفًا ، وأكتب مقالاتي وحكاياتي وأخبار المصورين ومعداتهم في مجلة فن التصوير ، حيث كان لي الشرف بتلبية الدعوة والحضور لجائزة حمدان الدولية للتصوير (هيبا) في دبي بدعوة من الأستاذة: سحر الزارعي. بالرغم من أن المجلة كانت فتية في المرحلة الأولى في تلك الفترة المغمورة، فكانت المجلة هي الرئة التي أتنفس من خلالها الفوتوغرافيا، وكانت الفضاء الرحب الواسع الذي أطل من خلاله على المعرفة وعلى التعرف على تحارب المصورين والمصورات من مدن الأرض البعيدة.
هذه المجلة التي مازلتُ مداومًا على الكتابة والنشر فيها.وهنا يجدر بي التذكير بأنني إلتقيت الاستاذ الباحث :عبد الرحيم العرجان لمدة ثلاثة أعوام متتالية و تعرفت على الفنان والصحفي والمصور صاحب مجلة عرجان، في دورات الجائزة بدبي.وأيضا كانت لقاءات جميلة مع الفائزين ومع كادر وإدارة الجائزة ومنهم مع حفظ الالقاب (علي بن ثالث،محمد ضو،سعد الهاشمي، سحر الزارعي،..الخ).ومن الضيوف صاحب المواهب الفوتوغرافية الاردني: يحيى مساد..وعرب فوتو :صلاح حيدر..والاخبار الفوتو غرافية :رفيق كحالة..إلا انه كان للنشمة العرجان بصمات مميزة بالحضور الفاعل ضمن الكتاب والمبدعين العرب والأجاتب الذين كانوا ضيوفا بدورات جائزة ( هيبا).
هناك ، بعيداً ، ينفسح البحر ، غاضباً مزمجراً . تحمل قطراته العرق المترشح من أجساد عشاق المغامرات والمستكشفين ، المحملين ، على ظهورهم العتاد. الامتعة والطعام والشراب،لملاقاة رجل الثلج الأبيض فوق الجبال والقمم ، ليسجلوا إسمهم في سفر البطولات والتحدي ، في مكان ما ، من أرض الله الواسعة بإكتشاف العالم الجديد ، هناك يجود قطاف الثلج الأبيض ، على الرحالة المثقلين بحقائبهم الملونة والمزركشة. فوقها اعلام بلادهم ، هناك تنغرس الراية والعزيمة وكتابات وذكريات تخلد عشاق المغامرة وتسجل اسمائهم في سفر البطولة والتحدي ليكونوا منارة هداية للأجيال القادمة من الشباب المغامر ، ويزدهر موسم التحدي ، ويؤتي أكله نصرا مظفرا عالميا. وبالرغم من سياط الرياح والعذاب المجنونة تلسع الإهاب والوجوه المتضوىء برحيق وإشعاع القمر ..
والانين ، يتجاوب في متاهات الطرقات والصخور والأصداف والأشلاء والثياب المبعثرة و المطروحة على الجبال المكسوة بالبياض وعلى الرمل المجروح ،حيث ما يزال التعب والعذاب ، يترعرع ، يتغذى من خلايا الدم الرحالة ومن عر ق جباههم ، ثم ينساق مع النسخ المنسرب في قلب الشجر الوحشي بالغابات الخضراء.
لكن البحر المعرفي بعالم الفن التشكيلي وبفن إقتناء الاعمال الفنية وبدخول المزادات العالمية ووجود غاليري ( قدرات) عند العرجا ، هذه جعلت منه، فنان صانع للمجد ، لبق الأنامل ، يمد بآماله البارعة بالمزيد ، لينحت على الشاطىء الاسود ، والابيض والازرق تماثيل جمة من الأمل. وعليها شعار : غدا أفضل..
هذا الفنان عبد الرحيم كما البدر المطروح على صدر الأفق السحري ، ينساب بأفكاره التاريخية. الاثرية بإكتشافه آثار الدومنيز وأعماله الفنية التشكيلية والتكويتية الضوئية ، على مهل ، كسلحفاة ، تسعى وتدب على سطح الارض و البحر ، أتراه يبغي قضم الموج الغض ، هنا ، أم تراه يغمس قلباً ، يخفق ، ينبض خلف أنامله بالأبداع.
يتعشق الفنون، واحدة تلو الاخرى، تأبى ، دلالاً ، قمراً بدراً ، يتوكاً ، معتمداً كتف الأفق ، يحسه لبناً ، موجاً أزرق ،في لحيته المميزة المبدعة البيضا ، يرغو زبد الإختراع ، يعلو شرر النشوة بالنصر، تهمي منه قطرات : نجماً يهفو ، نجماً يغفو ، نجماً يطفو ، نجماً يعلو أعلى الأفلاك ،وينادى قمر عبد الرحيم العرجان ومجده، الملاح الهيمان الآتي.. وينادي بعض الأصدقاء ..انتظروا فالآتي أجمل..
ويا لهذا القمر العرجاني المتوهح ، يحبو في مضطرب السماء المتلامحة النجوم ، كرة صفراء شاحبة ، تتدحرج من فضاء أفريقية وآسيوية وعربية، تجوز الآفاق ، تنير الأكواخ المعتمة،والبيوت المتناثرة على الطرقات والدروب، يلتقط الهمسات الفنية البصرية الزاحفة ، ويمسح ضفة البحر المطمئنة ، يغتسل من ماء النهر الرقراق العذب ويغسل سعف النخيل والزيتون وهي تذوب بأشعتها الفضية ، ثم يهبط الليل، فجأةً ، في الطريق لتتلقفها ذراع الظلام سوداء متطاولة ، ثم ترمي بها في شدق المدرجات و السلة الجائعة.
تتمطى ، ههنا ، أيضا ، أذرعة البحر والشطآن. الممرات والطرقات المتلوية ، لتتلقف الكرة المضيئة من وهج القمر العرجاني.
وتخال عبد الرحيم العرجان اضحى ( بالصحراء والسهول و البحر) لاعب كرة ، يعطي بذراعه المرنة الزرقاء الى كرته المخدرة ، ليرمي بها في السلة المغزولة من خيوط السحاب الاحمر الممزوج بغروب الشمس ، هناك ، في سرة الافق حيث الامواج تهزج ، ضاحكة ، جذلى ، وتقرع أكفها ، مصفقة مع امواج و رباح البحر لعبته الكبرى والتي ابتلع كرته الطائرة ، لتهوي ، تتطامن، تسجل هدفا جديدا لبلد النشامة الأردن وتنط كرة الإكتشاف والتحدي، مرة اخرى ثم تعبر الآفاق . ظلها يفرح بالوصول إلى أعلى قمة بالعالم ،ليرفع الراية على ذرى القمم التي يصلها مع طلائع المتسلقين ،وكأن شعاعها يضاحك أسناناً حادة براقة ،و لعابها يذوب في لجة البحر الموارة ،وفوق إنعاس الظلال الملونة فوق بياض الثلج المغطى قمم الجبال.
هذا القمر الأردني الشاب ،مرافق و راع شيخ قد أسقمه السهر ، وقطيع النجم أمام عصاه المهزولة ،وتابع مساره مع فتاة جعلها التحدي الانثوي للذكورة،تشعر بالنصر الدفين على ذاتها وعلى مثيلاتها.
و يسعى مع فريق مسارات بخطاه الثابتة و المجدوله بالتحدي والمحسوبة ، بخطاً ضمرت نوراً ، واضرمت و نسجت ناراً ، لتصبح ظلاً متاحاً ، لقرقعة الاواني اثناء طهي الطعاة وتحضير الشراب الساخن بعد طول عناء وعذاب لساعات وساعات،ليصبح ظلا مقطوفاً من بوح شفاه وتمتمات المستكشفين وراكبي أمواج التحدي من شتى اصقاع المعمورة .