facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الاقتصاد الأردني: بين الضغوط والقدرة على التكيّف


د. حمد الكساسبة
28-12-2025 06:29 PM

لا يُقاس وضع أي اقتصاد بما يواجهه من صعوبات فقط، بل بكيفية تعامله معها وقدرته على الاستمرار في ظروف غير سهلة. ومن هذا المنطلق، يمكن النظر إلى الاقتصاد الأردني كاقتصاد يعمل تحت ضغوط واضحة، لكنه ما يزال قادرًا على التكيّف والحفاظ على توازنه، اعتمادًا على خبرته في التعامل مع الأزمات والواقع المحيط به.

يعاني الاقتصاد الأردني منذ سنوات من تحديات معروفة، أبرزها تباطؤ النمو، وارتفاع البطالة، وكلفة المعيشة المرتفعة، إلى جانب محدودية الموارد. كما أن البيئة الإقليمية غير المستقرة أضافت أعباءً متكررة على الأداء الاقتصادي. هذه التحديات حقيقية ولا يمكن التقليل من أثرها، لكنها لا تختزل الصورة الكاملة للاقتصاد.

فعلى الرغم من هذه الضغوط، حافظ الاقتصاد الأردني على درجة من الاستقرار المؤسسي. استمرت المؤسسات الاقتصادية في أداء وظائفها الأساسية، وبقي النظام النقدي متماسكًا، واستمرت الخدمات العامة دون انقطاع. قد لا تعكس هذه المؤشرات حالة ازدهار، لكنها تدل على قدرة واضحة على إدارة الصعوبات وتفادي الانزلاق إلى أزمات أعمق.

وفي المقابل، لم يشهد الاقتصاد تحولات سريعة أو قفزات نوعية، لكن بعض التحسّن حدث بهدوء. تطوّرت أساليب الإدارة، وازدادت القدرة على امتصاص الصدمات، واستمر العمل ضمن هوامش مستقرة. هذا النوع من التحسّن لا يلفت الانتباه عادة، لكنه يتراكم بمرور الوقت، ويُسهم في بناء قاعدة أكثر صلابة على المدى المتوسط.

ويُعد العنصر البشري من أبرز نقاط القوة الكامنة. فالأردن يمتلك طاقات شبابية متعلمة وقابلة للتكيّف مع متطلبات سوق العمل المتغيّر. صحيح أن هذه الطاقات لم تُستثمر بعد بالشكل الكافي، لكن وجودها بحد ذاته يشكّل فرصة حقيقية إذا ما توفرت بيئة داعمة قادرة على تحويل المعرفة والمهارات إلى عمل وإنتاج.

كما أن صِغر حجم الاقتصاد، الذي يُنظر إليه غالبًا كقيد، يمكن أن يكون مصدر مرونة. فالاقتصاد الصغير يكون في كثير من الأحيان أقدر على تعديل المسارات وتصحيح الأخطاء بسرعة أكبر، إذا ما توفرت رؤية واضحة وقدرة على التنفيذ، واستُخدمت الموارد المتاحة بكفاءة أعلى.

لكن التحدي لا يقتصر على المؤشرات الاقتصادية وحدها، بل يمتد إلى المناخ العام المحيط بها. فانتشار خطاب التشكيك والسوداوية يضعف الثقة، والثقة عنصر أساسي في أي تحسّن اقتصادي. قرارات الاستثمار والعمل والمبادرة لا تتأثر بالأرقام فقط، بل بما يشعر به الناس تجاه المستقبل. ولهذا، يصبح الابتعاد عن التعميم السلبي، والتمييز بين النقد البنّاء والتشكيك، أمرًا ضروريًا للحفاظ على ديناميكية الاقتصاد.

وفي المحصلة، لا يعني الحديث عن اقتصاد يعمل تحت الضغط تبنّي نظرة متشائمة، كما أن الإشارة إلى التوازن لا تعني الرضا عن الواقع القائم. بل هو توصيف لمسار يحتاج إلى قراءة هادئة، وعمل تدريجي، واستثمار أفضل في عناصر القوة المتاحة. فالاقتصاد الأردني، رغم التحديات، ما يزال قادرًا على التكيّف، وهذه القدرة تمثّل نقطة انطلاق يمكن البناء عليها لتحقيق تحسّن حقيقي ومستدام مع الوقت.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :