facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نمطية الهطول المطري دافع قوي للتوسّع في الحصاد المائي


د. ثابت المومني
29-12-2025 01:28 AM

الملخص
تُظهر البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة المياه والري لرصد الهطول المطري خلال 24 ساعة حتى صباح 28/12/2025 تسجيل ما مجموعه 624.3 ملم كمجموع للهطول على مستوى المحافظات، فيما بلغ التراكم المطري للموسم حتى تاريخه نحو 2802.7 ملم. ورغم أن هذه الأرقام تعكس نشاطًا مطريًا لافتًا، فإن الأثر التخزيني الفعلي ما يزال دون المستوى المأمول، نتيجة محدودية السعة التخزينية للسدود مقارنة بطبيعة الهطولات عالية الشدة وقصيرة المدة، إضافة إلى وجود عدد كبير من الأودية غير المسيطر عليها. ويخلص هذا البحث الصحفي العلمي إلى أن التوسع في الحصاد المائي عبر السدود التحويلية، بالتوازي مع الحفائر والسدود الصحراوية، يمثل خيارًا وطنيًا محمودًا لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية وتقليل أخطار الفيضان.

مقدمة
تعكس الأرقام الرسمية للهطول المطري المسجلة خلال فترة زمنية قصيرة نمطًا مطريًا يتسم بالتركيز المكاني والزماني، وهو نمط بات سمة متكررة في المناخ المحلي. وتُظهر الغزارة العالية خلال يوم واحد، كما هو واضح في مجموع الهطول البالغ 624.3 ملم، تباينًا ملحوظًا مع التراكم الموسمي الذي بلغ 2802.7 ملم على مستوى المملكة.

ويؤكد هذا الواقع أن التحدي المائي في الأردن لا يرتبط بكمية المطر وحدها، بل بقدرة المنظومة الوطنية على إدارة الجريان السطحي، وتحويله من خطر موسمي إلى مورد مائي مستدام، عبر:
– التقاط الجريان السطحي بسرعة وكفاءة.
– تحويله إلى تخزين فعلي أو تغذية جوفية.
– تقليل الفاقد المائي والمخاطر الفيضانية على التجمعات السكانية.

السعة التخزينية للسدود وحدودها التشغيلية
تبلغ السعة التخزينية الإجمالية للسدود الرئيسية في المملكة قرابة 280–285 مليون متر مكعب، وترتفع إلى نحو 340 مليون متر مكعب عند احتساب السدود الصغيرة والحفائر. ورغم أهمية هذه السعة، إلا أن الفجوة التشغيلية تظهر بوضوح عند الهطولات عالية الشدة، حيث:

– يتولد جريان سطحي يفوق الاستيعاب اللحظي للسدود.
– تمر كميات كبيرة من المياه عبر الأودية دون أن تتحول إلى تخزين فعلي.
– تترافق بعض السيول مع كميات كبيرة من الرسوبيات، ما يؤدي إلى تراجع السعة النافعة للسدود مع مرور الزمن.

توزيع الهطول المطري وعلاقته بالأحواض المائية
تُظهر البيانات الرسمية تفاوتًا مكانيًا واضحًا في كميات الهطول خلال 24 ساعة، وهو تفاوت لا ينعكس تلقائيًا على التخزين المائي. فالهطول المرتفع قد يقع خارج الأحواض المغذية للسدود، أو ضمن أودية غير مجهزة لمنشآت التقاط وتحويل.

كما تتأثر الاستفادة التخزينية بعوامل حوضية رئيسة، من أبرزها:
– مسارات التصريف واتصالها بمنشآت التخزين.
– درجة تشبع التربة وسرعة توليد الجريان.
– طبيعة الانحدار وقابلية الالتقاط والتحويل.
وعليه، فإن قراءة المطر من منظور إداري فقط قد تعطي انطباعًا إيجابيًا مضللًا ما لم تُربط بالمنظور الحوضي.

الأودية غير المسيطر عليها كمصدر فاقد ومخاطر
تحوّل جزء معتبر من الهطول اليومي المرتفع (624.3 ملم كمجموع) إلى جريان سريع في أودية غير خاضعة للسيطرة. ويتجه كثير من هذه الأودية نحو نهر الأردن، فيما يصب جزء آخر مباشرة باتجاه البحر الميت.

ويترتب على هذا الواقع:
– فاقد مائي كبير كان يمكن تحويله إلى تخزين أو تغذية جوفية.
– ارتفاع ملموس في المخاطر الفيضانية على القرى والطرق والبنية التحتية الواقعة على مسارات الأودية.

الآثار البيئية والفيضانية على القرى والأحياء
تؤدي الهطولات المركزة خلال زمن قصير إلى سيول مفاجئة عالية الطاقة، تخلّف آثارًا بيئية واجتماعية مباشرة، من أبرزها:
– جرف التربة الخصبة في الأراضي الزراعية.
– تلف المحاصيل وتهديد سبل العيش الريفي.
– نقل رسوبيات تسد العبارات والقنوات وتزيد احتمالات الفيضان داخل التجمعات السكانية.
وتتفاقم هذه الأضرار في المناطق التي يتداخل فيها التوسع العمراني مع مجاري التصريف الطبيعي.

خطر الفيضان على مدينة العقبة
إن انخفاض الهطول المطري المباشر داخل مدينة العقبة لا يعني انخفاض مستوى الخطر، إذ قد تصل السيول من الأحواض العليا في مرتفعات الشراه ووادي عربة. ويُعد وادي اليتم مسارًا رئيسيًا لسيول قد تصل إلى المدينة خلال ساعات عند الهطولات عالية الشدة.

وتشمل الأخطار المحتملة:
– تهديد الأحياء السكنية والمنشآت السياحية.
– التأثير على الميناء والبنية التحتية الحيوية.
– تعطيل الطرق والخدمات الأساسية نتيجة الذروة الفيضانية والرسوبيات.

الحصاد المائي والسدود التحويلية كخيار وطني محمود
تؤكد البيانات الرسمية الحاجة إلى حلول هندسية مرنة تلتقط مياه الذروة الفيضانية بسرعة. ويحقق إنشاء سدود تحويلية على الأودية الجانبية المتجهة نحو نهر الأردن والبحر الميت ما يلي:

– تقليل الفاقد المائي قبل وصوله إلى المصبات النهائية.
– خفض ذروة الفيضان وحماية التجمعات الواقعة على مسارات الأودية.
– تحويل جزء من الجريان إلى سدود قائمة أو إلى أحواض تغذية جوفية.
وتتميز هذه السدود بانخفاض كلفتها وسرعة تنفيذها، وبكونها أكثر ملاءمة لنمط الهطولات القصيرة عالية الشدة السائد في الأردن.

التكامل بين السدود التحويلية والحفائر والسدود الصحراوية
بالتوازي مع السدود التحويلية في أحواض نهر الأردن والبحر الميت، يبرز مسار مكمل في المناطق الشرقية والجنوبية يتمثل في التوسع بإنشاء الحفائر والسدود الصحراوية لاستثمار السيول المحلية.

وتتمثل فوائد هذا المسار في:
– رفد المناطق شبه الجافة بمياه صالحة للزراعة المساندة.
– توفير مصادر مستدامة لسقاية المواشي ودعم تربية الثروة الحيوانية.
– تعزيز المخزون الجوفي عبر إبطاء الجريان وزيادة زمن مكوث المياه.
ويُسهم الدمج بين المسارين في بناء منظومة وطنية متكاملة لإدارة المياه وفق منطق الموقع والغاية.

التوصيات
– إعطاء أولوية لإنشاء سدود تحويلية على الأودية الجانبية المتجهة نحو نهر الأردن والبحر الميت.
– إنشاء شبكة منشآت حصاد مائي متعددة المستويات تشمل سدودًا تحويلية وسدودًا تخزينية صغيرة ومتوسطة.
– التوسع المنهجي في الحفائر والسدود الصحراوية في المناطق الشرقية والجنوبية بهدف دعم الزراعة وسقاية المواشي وتعزيز التغذية الجوفية.
– اعتماد نهج إدارة الفيضان كمورد مائي لا كمشكلة طارئة.
– ربط مشاريع الحصاد المائي ببيانات الهطول القصوى لا بالمعدلات فقط.
– إعطاء مدينة العقبة أولوية خاصة عبر حلول تحكم upstream تقلل الذروة قبل وصولها للمدينة.

الخلاصة
تُظهر البيانات الرسمية أن المملكة سجلت 624.3 ملم خلال 24 ساعة، وبلغ التراكم الموسمي 2802.7 ملم حتى تاريخه، وهو ما يؤكد أن التحدي الحقيقي لا يكمن في نقص المطر، بل في محدودية السيطرة على الجريان السطحي ومحدودية السعة التخزينية مقارنة بطبيعة الفيضانات. إن التوسع المدروس في السدود التحويلية، إلى جانب الحفائر والسدود الصحراوية، يمثل خيارًا وطنيًا محمودًا يحوّل الغزارة المطرية من عبء موسمي إلى مخزون مائي فعلي، ويقلل أخطار الفيضان، ويدعم الزراعة والثروة الحيوانية، ويعزز الأمن المائي والاستقرار البيئي على المدى الطويل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :