بُنى تحتية… واختبار الجاهزية
د.امجد أبو جري آل خطاب
29-12-2025 12:29 PM
استثمر الأردن خلال العقود الماضية استثمارات ضخمة في البنى التحتية، ووجه عشرات المليارات لتطوير شبكات الطرق والمياه والطاقة والصرف الصحي والاتصالات، بهدف تحسين جودة حياة المواطنين وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار في مختلف القطاعات. هذه الجهود لا يمكن إنكارها، وهي تشكل ركيزة أساسية لأي دولة تسعى إلى التنمية والاستقرار.
غير أن التحدي الحقيقي لا يكمن في حجم الإنفاق، بل في إدارة هذه البنى وتكاملها. فالبنى التحتية تتبع لوزارات ومؤسسات متعددة، وغالباً ما يظهر ضعف التنسيق بينها عند مواجهة أي طارئ، وخصوصاً خلال الظروف الجوية أو الأزمات المفاجئة. عندها تتكشف ثغرات في الاستجابة وتبدو بعض المشكلات وكأنها نقص في الخدمة أو غياب لها، رغم أن البنية الأساسية موجودة اصلاً.
ما يزيد من تعقيد المشهد هو أن بعض الاخفاقات لا تعود إلى نقص الإمكانات، بل إلى ضعف الجاهزية الميدانية والإدارة الحصيفة. فتتأخر المعالجة ويتحول الخلل الفني المحدود إلى أزمة رأي عام، وهو ما يمكن ملاحظته بوضوح من خلال متابعة النقاشات على الفضاء الافتراضي، حيث يعكس غضب المواطنين فجوة بين ما تم انفاقه وبين ما يتم لمس اثره على أرض الواقع.
من هنا فإن المطلوب من الجهات المختصة ليس فقط الظهور الإعلامي أو تبرير ما يحدث بعد وقوعه، بل بناء منظومة جاهزية حقيقية على الأرض تقوم على التخطيط المسبق، والتنسيق المؤسسي وسرعة الاستجابة. فالبنية التحتية لا تقاس بجمال التصاميم ولا بحجم الكلفة، بل بقدرتها على الصمود والعمل بكفاءة حين يختبر أداؤها فعلياً.