facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




معركة استعادة الوعي العربي في مواجهة المشاريع الإسرائيلية


د. بركات النمر العبادي
30-12-2025 11:02 AM

من معالجة الواقع إلى بناء المستقبل


ليست التحديات التي تواجه الأمة العربية مجرد نتاج لصراعات عابرة أو خلافات حدودية ، بل هي انعكاس لمشروع استراتيجي متكامل تسعى إسرائيل من خلاله إلى إعادة هندسة الجغرافيا السياسية والثقافية والاقتصادية للمنطقة. هذا المشروع لم يقتصر يومًا على المواجهة العسكرية المباشرة ، بل وظّف أدوات أكثر خطورة: الحرب على الوعي ، إذ إن كسر إرادة الشعوب يبدأ بإضعاف قدرتها على قراءة المستقبل ، وتشويه تصوراتها عن ذاتها وعن موقعها في العالم.

ولعل أخطر ما في هذه المواجهة أن الصراع تحوّل من صدام جيوش إلى صدام رؤى : من يمتلك القدرة على صياغة الحكاية ، والتحكم في السرد ، وقيادة العقل الجمعي ، هو الذي يحسم المعركة في النهاية. هنا يصبح استعادة الوعي العربي ليست ترفًا ثقافيًا أو نخبوية فكرية ، بل شرطًا وجوديًا لضمان مستقبل أكثر سيادة وعدالة.
1-المشاريع الإسرائيلية كجَزء من التحول الاستراتيجي

إسرائيل اعتمدت منذ نشأتها الى ما يُعرف بـ«عقيدة الطرف الثالث» (Periphery Doctrine) التي سعت من خلالها لتطويق "المحيط العربي" من خلال إقامة علاقات مع دول غير عربية مثل تركيا وإيران وإثيوبيا ، خشية عدائها من العرب ، وهذا خيارٌ استراتيجي أُعيد تفعيله بعد موجة "الربيع العربي" وبرز من جديد توظيفه عبر شبكات نفوذ جديدة ResearchGateIEMed.إلى هذا الجانب ، نُشير إلى التوسع في مشاريع لوجستية وتجارية مثل الممر التجاري البري الإماراتي–الإسرائيلي الذي يربط الخليج العربي بإسرائيل ، ما قلّصّ مدة السفر التجاري من 14 إلى 4 أيام فقط ، ويشكل تهديدًا لاستقلالية الربط العربي التجاري Wikipedia.

2- أدوات إسرائيل الناعمة : من الدبلوماسية الرقمية إلى مراكز الدعم

أطلقت إسرائيل مبادرات رقميّة تستهدف الجمهور العربي ، أبرزها صفحة "إسرائيل تتحدّث بالعربية" على فيسبوك ، التي توظّف المحتوى الدعائي لإظهار إسرائيل بوصفها دولة ديمقراطية عقلانية تلتزم بالسلام والتعاون ResearchGate.

مراكز البحث والدراسات الإسرائيلية لها دور فعّال في صناعة القرار وصياغته narative، عبر دعم مشاريع تخصّ عمليًا الاقتصاد ، الأمن ، التطبيع وفرض السيطرة ، كما هو موصوف في دراسة للدكتور أشرف بدر عن تأثير think tanks الإسرائيلية AL-Zaytouna Centre.

3- مشاريع اسرائيل في التعاون أو إعادة هندسة الواقع الإقليمي

مبادرة الممر الاقتصادي "Valley of Peace": خطة من الرئيس شمعون بيريز لتطوير مشاريع مشتركة بين إسرائيل والأردن وفلسطين، تشمل مشروع قناة تربط البحر الأحمر بالبحر الميّت وتوفير ملايين الوظائف والمزايا الاقتصادية Wikipedia.

مبادرات المياه والمشروعات المشتركة: مثل مركز أبحاث تحلية المياه (MEDRC)، الذي نشأ بالتعاون بين دول عربية وإسرائيل لتطوير معارف تقنيّة في قطاع المياه Foreign Policy Research Institute.

مشروع "القوس" – The Arc: خطة تشمل خبراء فلسطينيين وإسرائيليين لإعادة بنية تحتية حديثة في الضفة الغربية وغزة والدفع نحو إحياء اقتصاد حقيقي اندماجي ومستقل، لكن الصعوبات الأمنية والسياسية ، خصوصاً بعد أكتوبر 2023، عطّلت المشروع Vanity Fair.

موقف اقتصادي نقدي من السياسيين العرب: مقال رأي سعودي يشدد على أن التوسع الإقليمي الإسرائيلي لن يمنح أمنًا حقيقيًا ، بل العكس ، وأن القوة الحقيقية تقاس بالمؤسسات والاقتصاد لا بالاحتلال Financial Times.

الخروج من فخ الوعي المتخاذل… نحو مشروع وعي عربي شامل:

ويمكن القول ان رسالة الوعي العربي الأساسية : يجب ان يفهم المشروع الإسرائيلي في المنطقة على انه ليس مجرد صراع عسكري ، بل هو مشروع متكامل يستخدم الاقتصاد ، الدبلوماسية ، الإعلام ، التعاون الفني ، والتطبيع ، ليُعيد تشكيل المنطقة لصالحه ، والرد الفاعل يبدأ من خلال:

1.القراءة والفهم: تعزيز الثقافة الاستراتيجية عبر التعليم ، الإعلام المستقل ، وإرساء برامج للوعي التراثي والسياسي.

2.المشروع السياسي: تبني رؤية واضحة تقوم على التنمية المشتركة ، التكامل الاقتصادي، والمفاوضات البناءة بدل الاستسهال في التطبيع.
3.البُعد الأمني والاقتصادي: بناء منظومات مؤسسية قوية ، قابلة للمقاومة الثقافية والاستقلالية الاقتصادية.

باختصار، الرد الحقيقي على نظرية ديان "أن العرب لا يقرأون" هو بالضبط القراءة السيّدة ، الفهم العميق ، ثم صياغة مشروع عربي شامل يوازن الحضور الإسرائيلي فيالفضاءالاستراتيجي.

إن المعركة الحقيقية التي نخوضها اليوم ليست فقط على الأرض ، بل في العقول والقلوب ، فبينما تراهن إسرائيل على تآكل الوعي العربي وتشرذمه ، تكمن القوة الحقيقية في قدرتنا على بناء مشروع حضاري شامل يعيد للعرب ثقتهم بذاتهم ، ويمنحهم القدرة على إنتاج بدائل استراتيجية لا تكتفي بردّ الفعل بل تصوغ المبادرة.

إن الردّ على مقولة موشيه ديان بأن "العرب لا يقرأون" لا يكون بالشعارات ، بل بالتحول إلى أمة قارئة ، واعية ، قادرة على أن تفهم المخاطر وتستبق الأحداث ، وأن تجعل من المعرفة سلاحًا موازٍ للجغرافيا والسياسة والسلاح ، و هذه ليست دعوة للتأمل فقط ، بل نداء عاجل لاستعادة زمام المبادرة : فالمستقبل لن يُكتب إلا لمن يملك الوعي أولاً ، ثم القدرة على تحويله إلى مشروع عملي جامع.

حمى الله الاردن و سدد على طريق الحق خطى قيادته وشعبه .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :