facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




عُمران عمَّان القديمة


محمد خروب
03-11-2007 02:00 AM

حين طلب المهندس محمد رفيع، وهو مهندس معماري، باحث وروائي، أن أبدي رأيي في الكتاب المصوّر الفاخر، مصقول الورق والملون الذي أعده الموسوم عُمران عمَّان القديمة أعمال المعماري الشريف فواز آل مهنا، والذي يقع في 312 صفحة من القطع الكبير (والعريض أيضاً مصحوباً بـ CD) داهمني شعور مزدوج الأول أن التكليف (إن صح الوصف) سهل ولا يكلفني من الوقت شيئاً، حيث ما عليّ سوى تقليب صفحات هذا الكتاب، وكأنني أطلّع على ألبوم صور عائلي ثم إذا ما عاد، م. رفيع، وسألني رأيي أقول له عبارة التكاذب التي باتت سائدة في مجتمعنا بعد أن تصدعت القيم وتبدلت الأولويات وتراجع منسوب الاهتمام بالقراءة والهم الثقافي (في العموم).. كتاب رائع جميل، اغبطك عليه، وربما أبالغ وأقول كما يقول كثيرون بل أحسدك.. اسجل نقطة لدى هذا الباحث طويل البال حد العناد، والذي يصر على مواصلة نبش الذاكرة الوطنية بأبعادها الشخصية والتاريخية ودلالاتها الاجتماعية، رغم ما يلاقيه من عنت وغالباً عدم اهتمام لأن موضوعاته جافة وقديمة ولا تثير الاهتمام الذي يليق بها في دوائر المثقفين، ما بالك الشباب واؤلئك الذين يلهثون خلف ثقافة الاستهلاك ومنتجات العولمة المتوحشة من مأكولات ومسلسلات وأزياء، دع عنك ما تنطوي عليه، من غزو ثقافي مباشر وهجمات لا تتوقف، لشطب الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للشعوب، حيث لم تبق سوى قلة (آخذة في التناقص للأسف) مستعدة لمواجهة الرياح العاصفة الهوجاء لهذا الغزو الثقافي، الذي أخذ في الراهن لبوساً مختلفاً لم تعد الحكومات وخصوصاً في العالم الثالث قادرة على مواجهة (هذا إذا كانت راغبة في ذلك او قلقة منه).أعود الى الكتاب الذي أعده المهندس محمد رفيع، وأتحدث عن الشعور الثاني المريح الذي ساورني، وانا اسمع طلبه بإبداء رأيي في المُؤَلَف، وهو انني غير مختص ولا افهم في الهندسة وفنون العمارة شيئا، وسأكون في حل من إبداء أي رأي فني في هذا الشأن.. لكنني.. كنت مخطئاً في الحالين.

حيث انني اولاً، من رواد قاع المدينة الدائمين، وأكاد أزايد على كثيرين ممن يعشقون تلك المنطقة الساحرة من عمان القديمة، التي لم تعد تغري قطاعات واسعة من محدثي النعمة او الباحثين عن الثروة او اولئك الذين يجدون المتعة في الجلوس على مقاهي الرصيف الآخذة في الانتشار في جبال عمان الاخرى التي تحاول اللحاق او التشبه بعواصم غربية او عربية متغربة، فلا هي قادرة على مجاراتها لاسباب حضارية وثقافية واجتماعية وتاريخية، في الوقت نفسه الذي تتخلى فيه عن أصالتها وعبق تاريخها الذي وجد نفسه منذ عشرينات القرن الماضي وما قبلها في (... خريطة عمان القديمة، التي تتكرر في مطالع فصول هذا الكتاب.. فيها سيلحظ القارىء طريقاً متعرجة تلاصق النهر وتباريه بشكل حميم، فتبدأ مع النهر رحلتها عند رأس العين لتلتقي عند المقر العالي مع دفق ماء اخر هو سيل وادي الحدادة، ثم الى فضاء رحب مفتوح نحو المحطة وسيرى المتأمل في هذه الخريطة: الجامع والكنيسة والبساتين والمقابر ودور الحكم والمصارف والاسواق، وكل ما يستلزم حاجة الناس في اجتماعهم الحضري).. كما كتب امين عمان المهندس عمر المعاني في تقديمه للكتاب.

ماذا عن الكتاب؟.

ادهشتني الصور الحديثة للأبنية القديمة التي صممها واشرف عليها المهندس المعماري الشريف فواز مهنا، اول مهندس لبلدية عمان منذ العام 1933 والذي لم يستمر في وظيفته الرسمية سوى اربع سنوات تقريباً ثم ما لبث ان غادرها ليفتتح مكتباً هندسياً خاصاً اسماه دار الهندسة ليصبح ايضاً اول صاحب مكتب هندسي في عمان وليقوم بعد ذلك بتصميم معظم ابنية مركز المدينة وجبالها كاللويبدة وجبل عمان الجديد والقلعة والقصور ومنطقة المحطة.

ما اثاره الكتاب فيّ من انطباعات ايجابية مصحوبة بتساؤلات مريرة اعرف اجاباتها للأسف وخصوصاً في شأن هذه الخفة واللامبالاة وعدم المسؤولية في الاعتداء على تراث مركز المدينة ودلالاته الحضارية والتاريخية وضرورة وجود قواعد ومعايير صارمة تحول دون تقويض ما تبقى من تاريخ لمركز المدينة وبعض جبالها القديمة، تدفعني الى القول وفي غير مجاملة، أن الكتاب الذي قام المهندس محمد رفيع باعداده وتحقيقه وتوثيقه.. يذهب في هذا الاتجاه الصحيح الذي يجب أن يأخذه كل من يعنيهم الأمر، بجدية ومسؤولية بعيداً عن المجاملات والبزنس أو التواطؤ لمحو الذاكرة الوطنية أو تغييبها.

kharraub@jpf.com.jo





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :