facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"شيزوفرينيا"!


د. محمد أبو رمان
30-08-2013 03:30 AM

حتى لا نذهب بعيداً، ووفقاً للرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه، فإنّ أهداف الضربة الجويّة ضد النظام السوري "محدودة"؛ أي إنها ليست بهدف إسقاط النظام وإنهاء الصراع هناك، لكن لهدف سياسي يتمثّل في بعدين: الأول، إعادة هيكلة موازين القوى وإجبار النظام السوري على قبول تقديم تنازلات عميقة لصفقة دولية وإقليمية على غرار "دايتون"، أو اليمن، برعاية أميركية-روسية؛ فليس هنالك مصلحة أميركية في سقوط النظام مرّة واحدة. والثاني، حفظ "ماء وجه أميركا"، بعدما كسّر النظام السوري كلمة رئيسها مراراً وتكراراً خلال "حربه" ضد شعبه!
أمّا عربياً، فإنّ المفارقات تبدو أكبر. وبالضرورة، فإنّنا لا نتحدث هنا عن النظام الرسمي العربي، والذي يتمثل هدفه الواضح في إسقاط الأسد وإضعاف إيران، وإقامة نظام شبيه بالتجربة اليمنية المتواضعة، وليس نظاماً ديمقراطياً حقيقياً؛ فمن يحارب هذه التجربة في مصر بمليارات الدولارات والإعلام والدبلوماسية، لا نتصوّر أنّه يسعى إلى إقامتها في سورية، أو أن يقبل بها!

إنّما تظهر المفارقات، وإن شئتم الدقة حالة الفصام "الشيزوفرينيا"، على الصعيد الشعبي العربي في الموقف من الضربة العسكرية الغربية.

فمن جهة، ليس هيّناً ولا سهلاً على المرء السويّ، سورياً أو عربياً، أن يهلّل ويفرح لرؤية جيشه يدمّر، وترسانته العسكرية تباد، والبنية التحتية تقصف، مع ما قد يحمله ذلك من قتل مئات، وربما آلاف الجنود الذين هم -أولاً وأخيراً- من أبناء الشعب وفقرائه وكادحيه. أمّا الطائرات والأسلحة والمعدّات والترسانة الحربية، فهي جزء من ثروة الشعب؛ دفع ثمنها من دمائه وأمواله وجهوده وخبرته، على حساب خبز أبنائه وطعامهم، خلال العقود الماضية الطويلة!
ومن جهة أخرى؛ فإن هؤلاء الجنود، وهذه الطائرات، وتلك الصواريخ والدبابات، والأسلحة غير التقليدية، لم تُستخدم في معركة خارجية مشرّفة، إنّما في إبادة الشعب وقتله، وتدمير ما يقارب 40 % من بيوته، وتهجيره. والوجه الوحيد الذي يعرفه هذا الشعب لجيشه وأسلحته، على الأقل منذ العام 1973، أي منذ أربعة عقود متتالية، هو أنّه آلة قتل وإذلال وعبودية له!

مثل هذه "المعادلة"، في تقديري، محسومة على صعيد الأغلبية الشعبية السورية، لصالح الخيار الثاني. فبالنسبة للناس، الأولوية هي إنقاذ "من تبقّى حيّاً" من هذا الشعب المنكوب؛ فهي كأن تخير مريضاً بين بتر يده أو عدم بقائه حياً. لكن على الصعيد الشعبي العربي، فإنّ هذه المعادلة تصيب الشعوب بمشاعر ملتبسة مزدوجة، أشبه بالهستيريا؛ نضحك أم نبكي، نصفق أم نلطم، نوزّع الحلوى أم نقيم المآتم، ونحن نرى الصواريخ تدك الجيش السوري؟!
الأصل، مرّة أخرى، أن نبكي ونحزن ونرفض. لكن ماذا إذا كانت هذه هي الوسيلة الوحيدة المتبقية لتخفيف معاناة السوريين؟! هذا إذا تجنّبنا خداع أنفسنا والمتاجرة بالمواقف أو التلاعب بها، كما هي حال بيان جماعة الإخوان المسلمين الأخير؛ برفض التدخل الخارجي، مع تحميل النظام السوري مسؤولية ذلك! فهو موقف لا معنى له سوى الهروب من الجواب على السؤال الوحيد الجوهري؛ الصعب جداً، بل والقاسي والدامي في الآن نفسه: إذا لم يكن هناك غير هذا الخيار، فهل أنت (مع) أم (ضد)؟!
أمّا أولئك الذين يرفضون هذا الخيار، من حيث المبدأ، انطلاقاً من مشاعرهم القومية والعروبية، فهم أولى بوصفهم بالشيزوفرينيا؛ إذ لم تتحرّك مشاعرهم القومية والعروبية تجاه شعب أبيد وقُتل وهُجِّر، ولم تنتفخ أوداجهم غضباً على مذابح الأطفال، في دوما والحولة وبانياس وبابا عمرو والخالدية.. بل أعلنوا مباركتهم للرئيس القائد التاريخي، وقد تحرّكت مشاعرهم العروبية والقومية خوفاً على نظام دموي، فأيّ اختزال وتشويه وتسطيح لهذه المشاعر العروبية الزائفة؟!

m.aburumman@alghad.jo
الغد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :