facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تونس .. «المَرْجِع»!


محمد خروب
09-02-2014 02:51 AM

المهرجان الخطابي «الدولي» الذي اقامته «الدولة» التونسية (حتى لا نقول الحكومة او المجلس التأسيسي وخصوصا مؤسسة الرئاسة الباهتة في نسختها الراهنة)، نجح في تصدّر نشرات الفضائيات ووكالات الانباء وانتزاع الاعجاب والترحيب بما انجزه التوانسة بعد ثلاث سنوات من الثورة التي اطاحت ديكتاتور تونس وبطانته الفاسدة ونظامه الاستبدادي، وتجاوزهم منطق الاقصاء والاجتثاث واحتكار الحقيقة والنطق باسم السماء، التي كادت ان تقع حركة النهضة بزعامة راشد الغنوشي في إسارها، لولا الهبّة الشعبية العارمة والرافضة لمثل هذا التنكّْر للديمقراطية واعتبار التفويض الشعبي للحركة، كي تحوز المرتبة الاولى في انتخابات كان التوانسة لمّا يزالوا في «شهر عسل» الانتصار على نظام بن علي، فيما كانت النهضة تُنفِذ على الارض وبين الجمهور الذي عانى – وما يزال – الفقر والبطالة والقمع، خطة الاستحواذ على السلطة وتسعى لأسلمة الدولة، وما إن اكتشف الجمهور التونسي حقيقة ما يجري، والذي ترافق مع اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد (في مثل هذه الايام من العام الماضي) ولاحقا في تموز من العام ذاته، اغتيل المعارض الناصري محمد البراهيمي، حتى خُيّرت «النهضة»، حكومة وحزبا ومؤيدين آخذين في التناقص، بين تسليم السلطة لحكومة انتقالية، تتولى الاشراف على الانتخابات بنزاهة وحياد وشفافية، فضلا عن الالتزام بالأجندة الزمنية لإنجاز الدستور الجديد، بعيدا عن لعبة المناورات وشراء الوقت التي ارادتها «النهضة» بهدف شق المعارضة واللعب على تناقضتها، وبين أخذ البلاد الى مسار مدمّر، يلحظه «جيداً» قياديو النهضة في «الجارة» مصر، التي كانت ضحية مرسي وجماعته، كذلك في ليبيا (الأقرب) وبعيدا – نسبيا – نحو سوريا، التي يدفع شعبها ثمن غطرسة دول اقليمية، عربية وغير عربية، ودولية، ومعارضات تكتب لها اجهزة استخبارية متعددة الجنسيات جدول أعمالها وتتحكم في حركتها وتفرض عليها مواقفها التي لا تصب الا لصالح تلك الدول, فضلاً عن المصالح الشخصية لتلك المعارضات، متعددة الولاءات والجنسيات والمرجعيات.. ناهيك عن أن الذين اتخذوا جبل الشعانبي مقراً لهم، كانوا في المشهد ماثلين للجميع، ليس فقط في تسمية انفسهم بأنصار الشريعة وانما ايضا في تماثلهم في خطاب القاعدة واهدافها.

الموضوعية تقتضي الاعتراف بجنوح حركة النهضة... لـ (السلم) وعدم «ركوب» رأسها والتخندق خلف خطابها (الذي ما يزال على حاله بالمناسبة) على ما فعل مرسي ومكتب ارشاد الاخوان المسلمين في مصر, ما اتاح (موقف الغنوشي وحركته) الى توافقات ايجابية وسريعة اثمرت دستوراً يصعب على أحد وصفه بأنه إخواني أو ليبرالي أو يساري أو قومي, بل هو خليط منها جميعاً، ابرز ما فيه أنه انتصر للحريات وقلّم اظافر التكفيريين والجهاديين واولئك الذين ارادوا تحويل تونس الى «امارة اسلامية» أو خطوة مهمة على طريق استعادة دولة الخلافة..

الدستور التونسي الجديد سيغدو نافذاً اعتباراً من يوم غد, حين ينشر في الجريدة الرسمية, ما يعني أن تونس دخلت مرحلة جديدة وواعدة، ترتفع فيها الامال بأن يكون التنافس على مقاعد مجلس النواب أو مقعد الرئاسة سلمياً ونزيهاً, بعيداً عن الارهاب والعنف ولغة الاستنصال, وهو الامر الذي سيكون خاضعاً للقراءة والتحليل والمتابعة, بعد أن يتم الاعلان عن «مواعيد» الاجندة الانتخابية, ناهيك عمّا يكن للمحلل أن يدقق فيه، بعد استقرار قوائم التحالفات والائتلافات الحزبية التي ستؤشر - ولو نسبياً - على الاوزان والحجوم والتي ستحسمها بالتأكيد «معركة» الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي ستكون - وفق ما هو معلن - قبل نهاية العام الجاري..

لافت الوصف الذي «خلعه» مصطفى بن جعفر، رئيس المجلس الوطني التأسيسي- في كلمته أمام الاحتفال - على الثورة التونسية بأنها «ثورة مُتفرّدة ومُتميزة عن باقي الثورات العربية.. بالروح الثورية وأشكال النضال السلمي ونموذج للانتقال الديمقراطي في بلد مسلم, سيكون (مرجعاً) لدول المنطقة العربية كلها».

قد لا يكون بن جعفر جانب الصواب في اعتبار ما أنجزته بلاده «مرجعاً» وصحيح أن الامور بخواتيمها, إلا أن التوانسة الذين فجّروا الربيع العربي واطلقوا الآمال الشعبية (باتت مجهضة من اسف) لهم أن يفخروا بما استطاعوا تجنيب بلادهم شرور الارهاب والعنف والى حد ما التدخل الاجنبي, وهم بذلك - ايضاً - اثبتوا نضج قياداتهم وقدرتهم على التلاقي عند الجوامع والمشتركات, بعيداً عن لغة الاستعلاء والغطرسة والانانية والوطنية المتطرفة التي تفوح منها رائحة العنصرية وتكريساً لثقافة العيش المشترك.
(الرأي)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :