كوارث التغير المناخي والاقتصاد العالمي
خالد دلال
06-12-2025 12:30 AM
عديدة هي الدراسات والتقارير التي تطل علينا، بين الحين والآخر، محذرة من تداعيات كوارث التغير المناخي التي بتنا نشهدها يوميا، وآخرها الفيضانات المدمرة والمميتة في دول جنوب آسيا، والتي قدرت خسائرها، منذ أواخر الشهر الماضي فقط، بما لا يقل عن 20 مليار دولار حتى الآن.
آخر هذه التقارير ما نشرته شبكة CNN الإخبارية مؤخرا، تحت عنوان "تغير المناخ يجعلك أكثر فقرا"، وملخصه أن "موجات الحرّ القياسية والفيضانات الشديدة وحرائق الغابات الحادة، والتي تفاقمت بسبب تغير المناخ حول العالم، تحمل ثمنا باهظا، وهو انخفاض الدخل العالمي بنسبة 19 % تقريبا على مدى السنوات الـ26 المقبلة فقط". وإن صح الأمر، فهذه كارثة اقتصادية عالمية بكل المقاييس.
يتناغم ما تقدم أيضا مع دراسات سابقة، رغم أن بعضها أثير حوله الكثير من الجدل والتشكيك، تتحدث عن أضرار ستواجه الاقتصاد العالمي بنحو 38 تريليون دولار بسبب تداعيات تغير المناخ خلال ربع قرن من الآن.
كل هذا يدعو البشرية حقيقة إلى إعلان حالة طوارئ مناخية حول العالم، والعمل على توحيد الجهود، بعيدا عن اللامبالاة والتسويف والمماطلة والتقاعس، لإنقاذ الكوكب الأزرق، والذي بات يشهد مصائب مناخية من موجات حر قاتلة، وحرائق غابات مجنونة، واجتياح كارثي للهطول المطري، وأعاصير شديدة، وفيضانات مهلكة، وذوبان للصفائح والأنهار الجليدية، وارتفاع في مستوى سطح البحر، وتفاقم لدرجات حرارة المحيطات وحموضتها، وظروف جوية متطرفة في شتى أرجاء المعمورة.
صحيح أن سيد البيت الأبيض، دونالد ترامب، هو أكبر منكر للتغير المناخي في العالم، ومحرض ضد كل من يعمل في الدفاع عن حقوق الأرض المناخية، حتى أنه عطل جهود بلاده المناخية إبان فترة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، وكل ذلك طمعا في تريليونات الدولارات التي سيحصدها، ومن يقف خلفه من دول وشركات منهمكة في حفر باطن الأرض واستخراج نفطها وغازها وفحمها، إلا أنه سيكون ومناصريه أول من يندمون بفعل ما سيدفعونه من أضعاف مضاعفة لمعالجة كوارث المناخ مستقبلا.
لا بد، وكما يؤكد خبراء المناخ مرارا وتكرارا، من إجماع عالمي ملزم قانونيا لتنفيذ بنود اتفاقية باريس للمناخ، والمبرمة عام 2015، "بحيث لا تتجاوز درجة الحرارة حول العالم، مقارنة بالمستويات الحالية، عن 1.5 درجة مئوية"، وذلك عبر الانتقال التدريجي القابل للقياس إلى مصادر الطاقة الخضراء.
أما الاستمرار في الاستهتار بمستقبل البشرية، خصوصا بعد عجز مؤتمرات المناخ، وآخرها Cop30 في البرازيل، عن التوصل لاتفاق ملزم بشأن الوقود الأحفوري، فإنه لن يجر إلا المزيد من الويلات المناخية على الأرض وسكانها.
"أكون أو لا أكون" هو السؤال الأهم في مسرحية شاعر الإنجليزية، وليام شكسبير، على لسان بطل تراجيديته الخالدة، هاملت، وهو ذات السؤال الذي على البشرية إجابته في معركتها الوجودية مع التغير المناخي.
وقد تكون فعلا معركتنا التراجيدية الأخيرة كما كان مصير هاملت تماما للأسف!.
"الغد"