facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قراءة تاريخية في ذكرى قرار تعريب قيادة الجيش العربي الثامنة والخمسين


د. فيصل الغويين
01-03-2014 03:33 PM

في صباح يوم 1 اذار 1956 دق الهاتف في مكتب سمير الرفاعي رئيس الوزراء، وقال له متحدث من القصر الملكي :"سيدنا في طريقه الان الى مكتب رئيس الوزراء". وصل الملك حسين مع رئيس وزرائه الى مكتبه، وهناك اخرج من جيبه ورقة سلمها الى الرفاعي قائلا :"هذا امر ملكي واريد تنفيذه على الفور".

وقرأ الرفاعي الامر الملكي :" قررنا انهاء خدمة الفريق السير "جون باجوت غلوب" باشا ابتداء من هذه اللحظة، وعليه ان يغادر البلاد فورا"، وغادر الملك مقر رئاسة الوزراء.

وطلب سمير الرفاعي استدعاء وزير الدفاع فلاح المدادحة، واخطره بأمر الملك، ثم طلب دعوة (غلوب) لمقابلته، ووصل غلوب الى مكتب رئيس الوزراء الذي ابلغه بالأمر الملكي، وخرج غلوب من مكتب رئيس الوزراء متوجها الى السفارة البريطانية ليقابل السفير ويخبره بما جرى. وبعد استعراض لكل التطورات طرح السفير تشارلز جونستون تساؤلا الح عليه "من تظنه وراء هذا الامر او على علم مسبق به : المصريون او غيرهم؟ هل تظن ان اصدقائنا الامريكان على علم بهذا الموضوع؟

وجلس السفير البريطاني يكتب برقية الى وزارة الخارجية في لندن التي وقع عليها النبأ وقع الصاعقة، واسرع السفير عند منتصف الليل برسالة من انتوني ايدن الى الملك يقول فيها مهددا :" ان العواقب ستكون وخيمة جدا عليك شخصيا وعلى الملكية، وعلى مستقبل الاردن كله".

وقد نص قرار مجلس الوزراء رقم 698 على مايلي:
1- انهاء خدمات الفريق غلوب من منصب رئيس اركان الجيش العربي الاردني.

2- ترقية العقيد راضي عناب الى رتبة لواء، وتعيينه بمنصب رئيس اركان الجيش العربي الاردني.

3- انهاء خدمة العقيد (وليم هاتون) مدير دائرة الخدمات.

4- انهاء خدمة العقيد (باتريك كوجهل) رئيس دائرة الاستخبارات العسكرية.

وكانت حركة التنظيم السري للضباط الوطنيين في الجيش العربي التي تأسست عام 1950 لطرد القيادة الاجنبية من الجيش العربي، قد تضاعفت جهودها هذه بعد ثورة الضباط الاحرار في مصر عام 1952، وتم تغيير اسم الحركة من التنظيم السري للضباط الوطنيين الى حركة الضباط الاحرار الاردنيين، وذلك تيمنا بالحركة المصرية. وكان للمد القومي الذي شهدته الدول العربية بعد الثورة المصرية الاثر الاكبر في اصرار اعضاء حركة الضباط الاحرار على السير على خطى مصر في التحرر من الهيمنة البريطانية على الاردن، وذلك من خلال انجاز نفس المهمة الثورية التي نفذها الضباط الاحرار في مصر، غير ان هدفهم لم يكن الملك حسين بل غلوب، الذي كان يمثل رمزا للسيطرة الاجنبية على الجيش، والحياة السياسية والاقتصادية في الاردن.

وحول الدوافع التي حدت بالملك حسين لاتخاذ هذا القرار، يقول الحسين :" لقد كان السبب الرئيسي في عزل غلوب يقوم على عدم التفاهم بيننا، وعلى خلافنا حول مسالتين جوهريتين هما : دور الضباط العرب في جيشنا، واستراتيجيته الدفاعية، فاحد واجباتي كملك هو تحقيق الامن لشعبي وبلادي، لو لم اقم باستبداله لما كنت قد مارست اعباء مسؤولياتي، ان ما تم كان من الواجب ان يتم... لقد كنت وغلوب مختلفين تمام الاختلاف حول موضوع اساسي؛ فقد كنت ارغب في ترفيع الضباط الاردنيين الى المناصب العليا في الجيش، وفي ان يتولى قيادته طبقا لخطة واقعية... وقد كان عليّ ان اعطي الاردنيين مزيدا من المسؤوليات، وكان وجود غلوب يقف عائقا امامي دون تحقيق ذلك... وقد اصبح غلوب احد الرجال الاوسع سلطة في البلاد"

وفي رده على استيضاح السفير البريطاني في عمان حول الاسباب التي حملت الملك على اتخاذ مثل هذا القرار، اشار الملك حسين الى الجهود التي بذلها للدفاع عن غلوب ضد الدعاية المصرية، ولكنه لم يظهر اي تعاون معه لتفادي مثل هذه الدعاية، لذا كان لابد من القيام بما هو ضروري لشرف الاردن وسلامته. وفي حديث اخر عبر عن شعوره بقوله :" طالما بقي غلوب في القيادة بالاردن فان كل حكومة اردنية سوف تستشيره او تستشير السفارة البريطانية قبل ملكها عندما تواجه بقرار سياسي هام"

وكان الملك حسين يشعر بالحرج لكون رئيس اركان جيشه اجنبيا، ويزعجه ان تذكر الدعايات في الخارج والداخل ان غلوب هو السيد المطلق، او الحاكم الفعلي والدكتاتور في الاردن. كما كان غلوب يتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد وخاصة الانتخابات النيابية، وكان قانون الانتخاب يسمح للجيش بالاقتراع في ثكناته، مما جعل مصير المرشحين بين يدي غلوب، فكان يوعز الى الضباط بالاقتراع لمصلحة المرشحين الذين يختارهم، وكانت نتائج الاقتراع تصل اليه فيبلغها بدوره الى الحكومة.

وقد اتهمت بريطانيا عبد الناصر انه واراء هذه العملية. وكان (سلوين لويد) وزير الخارجية البريطاني قد وصل القاهرة في بداية اذار، ولم يكن لدى احد علم بما كان يجري في نفس الوقت في عمان. وعندما علم بالقرار اعتقد لويد ان عبد الناصر كان يعلم بالقرار، وانه رتب ذلك بحيث يتوافق مع يوم وجوده في القاهرة. وكان عبد الناصر قد اخبر الوزير البريطاني في اول اجتماع لهما بان ايام غلوب في الاردن باتت معدودة، الامر الذي رجّح قناعته بان عبد الناصر رتّب موعد الاستغناء عن كلوب بحيث يتوافق مع موعد زيارته للقاهرة، امعانا في اهانته واهانة الحكومة البريطانية. وهاجمت الصحافة البريطانية عبد الناصر بشدة، وقام غلوب بدور في ذلك. وبينما شنت الصحافة المصرية حملتها على بريطانيا، مدحت الملك حسين لعزله غلوب.

واثار قرار التعريب ردود فعل ايجابية على الصعيد المحلي؛ فقد شهدت البلاد مظاهرات طلابية سلمية، اشتركت فيها الاحزاب السياسية في الاردن، واخذت تهتف ضد حلف بغداد والاستعمار، كما هتفت بحياة جمال عبد الناصر. اما الصحف الاردنية فقد تصدر صفحاتها في الايام الثلاث التالية ليوم الاعفاء، وبعناوين بارزة اخبار اعفاء غلوب، وقيام المظاهرات، ثم تعليقات وافتتاحيات تشيد بموقف الملك حسين، وتشكره على قراره التاريخي.

كما بدأ دور القوى والاحزاب الوطنية يتعاظم في الاردن، وتم الافراج عن المعتقلين السياسيين، وايقاف محطة التشويش على اذاعة صوت العرب، والغاء قانون الاشراف على البدو؛ لان غلوب كان هو المشرف الحقيقي على قوات البادية.

وعلى المستوى العربي كانت ردود الفعل ايجابية وفورية، وخاصة في مصر وسوريا والسعودية، وزادت هذه الخطوة من التقارب العربي؛ فقد عقد عبد الناصر وشكري القوتلي والملك سعود مؤتمرا في القاهرة، صدر عنه بيان جاء فيه :" تم الاتفاق على التأييد الكامل للاردن ومساندته ضد اي ضغط اجنبي او اي عدوان صهيوني، بما يكفل للشعب الاردني الباسل تحقيق غايته، وقد اتصل المؤتمر بحضرة صاحب الجلالة الملك حسين ملك المملكة الاردنية الهاشمية لابلاغه بذلك، وتأييد ما سبق الاعراب عنه من الاستعداد التام الاكيد بمعاونة الاردن والوقوف بجانبه"





  • 1 عواد الحيصه/ذيبان 02-03-2014 | 01:00 PM

    سرد جميل وقراءه اجمل


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :