facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رمزي وعمار .. وبيت الشوكولاتة


إيمان العكور
05-05-2014 11:28 PM

تطالعنا وجوههم كل صباح ومساء.. وهم يجوبون الشوارع يحملون همومهم وخيبات أملهم ..بعيون خائفة ونظرات منكسرة يستجدون عطفك وكرمك ،،، مشهد مألوف ومؤلم.. ليسوا بالمتسولين بقدر ما هم يبحثون عن مكان لاحلامهم البسيطة ..!قبل ايام وانا منهمكة امام باب البيت في نقل بعض اشتال الورود من آنية الى اخرى، كانت الساعة لم تتجاوز الثامنة والنصف صباحا.. نسمة باردة تبعث النشاط في داخلي تجعلني امضي احيانا اكثر من عشر ساعات متواصلة في العمل في حديقتي الصغيرة التي غرست كل وردة فيها بيدي منذ خمس سنوات وارقبها كل موسم وهي تنمو وينمو معها صندوق اسرارنا الذي يحمل في داخله ضحكات ودموع.. فرح وخيبات..! فجأة وأثناء انهماكي بمحاولة نقل الزهرة الى بيتها الجديد دون ان اسلخها عن جذورها وجدت طفلين بجانبي يرقبان ما اعمل بعيون فضولية.. ابتسمت عندما سألني الأكبر فيهم والذي اخبرني بعدها ان اسمه رمزي وعمره ٨ سنوات، سألني ماذا افعل ، قلت له انقل النبتة الى إناء اكبر، استغرب الامر وسأل لماذا..!سألته عندها هل تحب ان تسكن وتكبر في بيت صغير ام كبير، قال بل كبير، فأخبرته ان هذه النبتة أيضاً ستكون فرحة بنقلها الى بيت اكبر.بكل عفوية وبراءة قرفص بجانبي وطلب ان يساعدني ، في حين وقف اخوه الأصغر ، عمار ، الذي لا يتجاوز عمره الخامسة، والتي كانت ملامحه الحزينة تختزن معاناة جيل بكامله .. وعندما خفت ان أتلف جذور النبتة طلبت منهم ان ينتظروا كي احضر مقصا، وما ان دخلت ابحث عن المقص حتى وجدت عمار يقف على باب المطبخ وبكل ذلك الحزن المخزون داخله ، رسم ابتسامة على وجهه وهو يحمل ( القوارة) البلاستيكية بين يديه ويقول لي ( خلص طلعناها ).. !حملت نبراته فرح المناضل المنتصر..وكأنه اول إنجاز له في حياته التي تبدو بائسة.ساعدوني بعدها في زراعة النبتة والتي اتفقنا ان نسميها عمار ورمزي .. امر رسم بسمة اجمل مئات المرات من ابتسامة الموناليزا.. وانا متأكدة ان تلك اللحظة كانت لوحة فنية بامتياز..!طلبت منهم ان يشاركوني في الجلوس في حديقتي الملونة والتي أضفوا عليها بالوانهم وتعابيرهم وعفويتهم ، جمالا خاصا .سألتهم ونحن نشرب الميرندا ونأكل قطع الكيك ان كانوا يذهبون الى المدرسة، بالرغم من ان رمزي قال نعم، الا أني متأكدة انهم لا يذهبون اًبدا،، وهو امر محزن يزيد من الجهل المتفشي في جيل كامل من الاطفال حرموا من ابسط حقوقهم بسبب ضيق الحال او حتى جهل الأهل وأحيانا استغلالهم لأطفالهم .بالمناسبة كما قلت لكم رمزي وعمار ليسوا بالمتسولين لان عربتهم او ( شبه العربة الحديدية التي يجرها رمزي ذات الثلاثة عجلات بدلا من الأربعة ) لم يكن بها اي خردة او شي سوى كيس من الخبز ، وهو ما اخبرني رمزي لاحقا انهم يجمعمون الخبز والأكل ..!اطفال بدلا من ان تحميهم أسوار المدرسة في الصباح .. انطلقوا يجوبون شوارع العاصمة الخطرة ويقطعون مسافات طويلة كما سمعت منهم.. جريمة واكبر جريمة بحق الطفولة البريئة.!عمار لم ينطق الا نادرا لدرجة اعتقدت انه أبكم ، الا انني عندما بدأت أوجه الأسئلة له تكلم كلمات بسيطة وبكل خجل ربما أيضاً ممزوج بالخوف من المجهول .صعقت بل أوشكت على البكاء عندما سألتهم السؤال البديهي الذي نوجهه الى اي طفل كنوع من الفضول:-شو بتحلم تصير لما تكبر- شو يعني احلم..؟-يعني ماذا تتمنى ان تصير لما تكبر..!- ما بعرف .. ولا اشي !!!ولا اشي.. لانه لا يملك رفاهية الحلم..! لا يعرف ان الأحلام هي من تجمل حياتنا البائسة احيانا..! كل ما يعرفه ان هناك واجب عليه كل صباح .الشارع والحديقة العامة والرصيف هو مأواهم اغلب الوقت ..بالنسبة للصغير عمار وبعد تردد كبير قال لي : بدي أصير شرطي..!أبدوا إعجابهم بالحديقة واستغربت سؤال رمزي : الا تخافين ان يسرقوا ما فيها..! لم أبدي اي انتباه لملاحظته ، لأنني لم أشأ ان اشوه صورة البراءة في عيونهم واتخيل ان مثل رمزي وعمار قد يمتهنا السرقة يوما ما بسبب ظروف معيشتهم..رمزي وعمار يجسدان طفولة ضائعة ومنسية في جنبات الأحياء المعدمة والشوارع المنسية ... فهؤلاء الأطفال أغلبهم إن لم يكن كلهم منذ ولادتهم وهم على اتصال دائم بالشارع ، يتامى, متخلى عنهم أو أباءهم عاطلون عن العمل يعيشون على التسول أو يمتهنون حرفًا بسيطة لاتسد رمق جوعهم. لكن رمزي اخبرني ان لديهم منزل ( مثل بيتك) كما وضعها ، واضحكني عندما سألني ان كان لدي تلفون لان تلفون أمه خرب.. مفارقات عجيبة تحملها الحياة والظروف .. في الوقت الذي يجوب هو وأخاه الصغير شوارع المنطقة بحثا عن حقيقة ما.. رمزي يريد تلفونا جديدا لامه،،!
لم اعرف اين أصنف الأخوين .. !
اعلم هناك أسباب عدة للتشرد ولكنهما ليسا بالمتشردين ..!
التشرد من اكبر أسبابه حرمان الطفل في البيت من أبسط ضروريات الحياة الكريمة من طعام وملبس وغيره مما يضطره الى الفرار منه لعله يجد خارجه ما يشبع حاجته.
كما ان االعنف الأسري وتفكك الأسرة إما بالطلاق أو الهجر أو التخلي أو الخلافات الزوجية المستمرة أو وفاة وزواج أحد الوالدين‏.‏ أيضا أنماط التنمية غير المتكافئة بين الريف والحضر التى تؤدي إلي تزايد معدلات الهجرة الداخلية اضافة الى تراجع المعايير الأخلاقية في بعض المجتمعات ..كل ذلك هو بطاقة دخول مجانية الى عالم الشوارع بأشكاله المختلفة ..!


بعد ان طلبت منهم التقاط بعض الصور .. والتي ارتسمت ابتسامة على وجوههم لحظات التقاطها ، حتى وان كانت لن تدوم طويلا الا انها بالنسبة لهما كانت كالدخول الى بيت الشوكولاتة في الغابة الذي كنا نقرا عنه ونحن صغارا.. نحلم ما لذ وطاب لنا من الأحلام . بل نحولها الى حقيقة آنية تعيد النبض الى قلوبنا الساكنة ومن ثم نغادرها غصبا عنا ....
رمزي وعمار حظيا بدخول بيت الشوكولاتة ولو لساعة من الزمن.. نسيا همومهما وأعباء الحياة التي ألقيت على ظهورهم بلا رحمة لطفولتهم.. تلك الطفولة المنسية التي أتمنى ان يبدآ بالحلم بها من الان فصاعدا..!!
خرجا وفرح العالم لا يسعهما وخاصة عندما طلبت منهما ان يمرا على ( بيت الشوكولاتة ) بين الفترة والأخرى كي افتح لهما بابا صغيرا لاحلامهم البسيطة ..!!!
وايضاً كي يزورا النبتة التي سميت على اسميهما .. رمزي وعمار..!!!





  • 1 صديق تلفزيوني قديم 06-05-2014 | 12:11 AM

    مما لا شك فيه انك قد دخلت مرحلة الكتابه المبدعه فآخر مقالاتك تدل على تطور متقدم ملموس ، نتمنى لك المزيد من التقدم والنجاح

  • 2 المبيضين 06-05-2014 | 12:20 AM

    مقاله غاية في الروعة والاحساس المرهف امتعينا بالمزيد والى الامام دائما


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :