عندما يلتقي الاردنيون في الجلسات النقاشية والندوات والمؤتمرات واثناء اجراء الاتصالات الهاتفية ، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الدردشة تستغرب من حالة التوتر والشد العصبي التي ترافق مثل هذه اللقاءات بكافة انواعها ، والتي تمتد الى السياسين كما في مجلس النواب وغيرها من المؤسسات التعليمية والاجتماعية التي تصل الى العنف والايذاء المعنوي والجسدي .

ومن هنا يثار التساؤل حتى من غير الاردنيين لماذا هذه الحدة وارتفاع الصوت اثناء النقاش والصراخ احياناَ لدى الاردنيين، وهل السبب مرتبط بالجينات الوراثية, ام بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها المرتبطة بالفقر و الفساد والجرائم وحتى البطالة ، والإحباط والطفر وغلاء المعيشة وشح المياه وقلة الرواتب ، وكذلك القلق والاكتئاب المتواصل من خوف رفع اسعار المشتقات النفطية وكيفية تسديد فواتير الكهرباء والمياه التي اصبحت تتغير ما بين فترة واخرى ولا نعلم ما هي الاسباب لذلك ، وما يتبعها من التزامات لدفع فواتير التلفونات ، وخاصة اننا شعب نعشق الحديث بالهاتف النقال اثناء سوق مركباتنا او بعد منتصف الليل!

وكذلك ان معظم العوامل المتحكمة بما يجري في مجتمعنا هي خارجية وخارجة عن ارادتنا الوطنية. من اهمها وأولها ان مجتمعنا يحتوي على مجتمعات عديدة, ويليه حقيقة أن صراعات الإقليم تحل دائما وقسراً ايضا دون ارادتنا الذاتية على هذه الجغرافيا الضيقة, فكان لفيروس الصراع والعنف تأثيرا مباشراً على اسلوب حياتنا وطريقة تعاملنا مع بعضنا البعض, ثم الوضع الاقتصادي المزري والمتراكم منذ عقود دون حل او امل بالحل, وهو ايضا مستورد وليس محلي الصنع,وما تبعه من صناعة الفساد ومنظومته والثاني تحمل اعباء الغير من خارج الحدود لفترة زمنية طويلة جدا ، دون حلول منتظرة تساهم في تخفيف العبىء عن كاهل الاردني .

والسؤال الذي يطرح لماذا لا نقوم بتاسيس جمعية من اخصائي الامراض النفسية لدراسة حالة الاردنيين ولمعرفة سر هذه العصبية التي تولد لدينا ، وما سميت ( الكشرة الاردنيه ) الملازمة لحياتهم اليومية وهل فعلاً الاسباب السابقة هي من دفعت نحو ان يكون المواطن الاردني مكشراً بصورة دائمة ، ام تراكمية الازمات من عقود في المنطقة المحيطة ساهمت بشكل مباشر في زيادة الحدة العصبية لديه .

وهل للحكومة اي دور مباشر في كل هذه التراكمات لتتبلور في رسم ملامح التعقيدات التي تظهر في حياة المواطن الاردني دون سابق انذار ، ولذا فاننا نتمنى على المؤسسات التعليمية ومراكز البحث ان تسعى جاهدة ً الى دراسة كل هذه الظروف والعمل على وضع توصيات لمتخذي القرار السياسي والاداري لمحاولة معالجة هذه الحالة الذهنية المعقدة لدينا.