facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عودة أمريكا لقيمها .. مصلحة أممية


د.زهير أبو فارس
30-12-2014 03:05 AM

مشكلة أمريكا الرئيسية في أنها، حتى الساعة، لا تريد أو غير قادرة على التراجع أو تغيير فلسفتها الكونية التي تحكم علاقاتها ومواقفها، وبالتالي تصرفاتها تجاه الدول والأمم. ويبدو أنه لا يهمهم أن النظام العالمي الذي صمّموه ويسعون لترسيخه بكافة الوسائل، ومهما كانت النتائج، من خلال هيمنة القطب الأوحد وفرض نموذجهم في الحياة على العالم، يتناقض تماماً مع القوانين الاجتماعية ونواميس الطبيعة والمسيرة التاريخية والحضارية للأمم والشعوب.!

لقد أثبتت تجربة القطب الواحد لأكثر من عقدين من الزمن أن العالم لم يصبح أكثر أمناً واستقراراً، بل على العكس، شهد ولا يزال حروباً مدمرة واضطرابات وفوضى عارمة في مختلف مناطق العالم، وصولاً الى حالة ما يسمى بحافة الهاوية في العلاقات بين الدول، ومنها من يمتلك ترسانة هائلة من أسلحة الدمار الشامل القادر على تدمير العالم والحضارة البشرية عدة مرات!

ولاشك أن ايدولوجية الهيمنة الشاملة على العالم التي تحرك القوى اليمينية المحافظة، وممثلي المجمّع العسكري – الصناعي، والشركات الأمريكية العملاقة العابرة للقارات، تجر العالم الى المجهول الذي لاأحد يستطيع التكهن بنتائجه المدمرة على البشرية جمعاء.

ويقيناً أن هذا النهج الخطير يتناقض تماماً مع مصالح الشعب الأمريكي والقيم العظيمة التي قامت عليها الثورة، ووثائق الاستقلال والدستور الأمريكية، والمتمثلة في الحرية والديموقراطية، والتي أسرت قلوب وعقول مفكري وأحرار العالم، وشكلّت نموذجاً يحتذى به من قبل العديد من الدول والشعوب في مختلف بقاع الأرض.

إن الانتكاسة التي حصلت خلال العقود الماضية في تطبيق القيم الأمريكية، وفي المقدمة منها، احترام حق الشعوب في السيادة، والحرية، وتقرير المصير، والمثبتة في مقدمة الدستور الأمريكي: "نحن الشعب.. نسن وننشئ هذا الدستور"، ساهمت في تشكيل حالة الجحيم التي يعاني منها عالم اليوم، والذي يعيش فعلاً مرحلة الحرب الباردة من جديد بكافة عناصرها. ويبدو أن الاوضاع تتطور باتجاه التصعيد نحو مواجهات ساخنة أكثر انتشاراً ودماراً، سيكون من الصعب ضبط مداها وتداعياتها، وبخاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والقيمية التي تحكم العلاقات الدولية.

كما ان المثير للعجب والاستغراب هو جهل أصحاب القرار في أمريكا بطبائع وخصوصيات الأمم والشعوب، واكتفاؤهم بالتعامل معها من خلال ادخال البيانات واستخراج خلاصاتها على الكمبيوتر، ومن ثم وضع الخطط والسيناريوهات لاحداث التغيير الذي يريدونه هم (وليس غيرهم) على الدول والشعوب، والتي يخرجونها بفجاجة في أحيان كثيرة، معتمدين في ذلك على قناعة مراكزهم البحثية والاستراتيجية بقدرات علم النفس الاجتماعي (Social Psychology) وتطبيقاته في "تكييف الطبيعة الانسانية" في الاتجاه المطلوب. وقد تكون "سيكولوجية القوة العظمى"، وما يرافقها من ممارسات الهيمنة، وترتيب العالم وفق مصالحهم الاستراتيجية الخاصة، هي السبب الحقيقي في اهمالهم، أو عدم اهتمامهم بجوانب هامة أخرى من علم النفس الاجتماعي إيّاه، وتحديداً ما يتعلق "بعلم نفس القوميات والجماهير"، التي أكدّ على أهميتها باحثو المرحلة الثانية من تطور هذا العلم في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، أمثال تارد، وفونت، وسيجيل. فالسياسات والارادات الحرة والمستقلة التي تنتهجها الدول والشعوب تثير الساسة الأمريكيين، وتُعتبر بنظرهم مبرراً كافياً لتطبيق "وصفة العلاج" الجاهزة، والمتمثلة في العقوبات، والحصار الاقتصادي، والاعلامي، والايدولوجي. وما حصل مع كوبا لأكثر من نصف قرن، ويتكرر الآن مع روسيا وغيرها من الدول، مثال صارخ على ما نزعم.

إن المسؤولية الأخلاقية في ترسيخ السلم العالمي، وسيادة قيم الحرية، والديمقراطية، والعدالة، التي يجب أن تضطلع بها أمريكا، كأكبر قوة كونية اليوم، تتطلب تغييراً جوهرياً في سياساتها ونظرتها الى الشعوب والامم الأخرى (والتي تملك نفس الحق في الدفاع عن مصالحها الحيوية)، والتخلي عن عقلية الهيمنة، وفرض الارادة وأنماط الحياة على الدول والشعوب. وبدلاً عن ذلك، عليها الاعتراف بالعالم متعدد الأقطاب، ليكون أكثر أمناً وسلاماً واستقراراً، وترسيخ قيم الحرية، والديمقراطية، والعدالة، وتقرير المصير، والتي تنسجم تماماً مع أسس ومبادئ الدستور ووثيقة الاستقلال الأمريكية، التي جاءت في لحظات حاسمة من تاريخ الولايات المتحدة، ومن خلال شخصيات كبيرة كجورج واشنطن وتوماس جيفرسن. أي أن القيم الانسانية ستبقى الخيار الصحيح لتطور وازدهار الأمم والشعوب، كبديل عن العقوبات الجماعية، و"الفوضى الخلاقة"، و"الثورات الملونة"، وكافة سياسات الهيمنة والمواجهة والحروب.
(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :