facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الهجرة إلى الشمال بين ناري الجوع والموت؟


د. زيد أبو زيد
04-05-2015 12:47 PM

يُجمعْ كل من لهُ علاقة بالشأنِ العربي والإفريقيِ أنَ الحروب الاهلية والفوضى الدموية في سوريا والعراق واليمن وليبيا، والاحتلال الصهيوني لفلسطين مع تعثر مسيرة السلام الى جانب الفقر والبطالة في معظم الاقطار العربية وافريقيا كانت السبب في موجات الهجرة غير المشروعة التي تزايدت بشكل مطرد خلال الاشهر الماضية وتسببت في كوارث انسانية وموجه تسونامي الموت غرقاً في البحر المتوسط.
في الماضي وعندما كانت الظاهرة افريقية بحته كنا نقول أنَ البحث عن عمل في أقطار القارة السمراء أشبه بالبحث عن إبرة في كومة كبيرة من القش، وأنَ تحقيق معادلة الإبداع والتميز والتقدم والتنمية شبه معدوم بسبب حالة الإفقار المتعمدة التي مارستها دول الشمال عبر عقود من استعمارها واستعبادها لشعوب القارة الإفريقية مخلفة ورائها الفقر والجوع، ولذلك فلا يبدو أنَ حالة الهجرة المسماة باللاشرعية إلى دول الشمال ستتوقف إلاَ إذا حلت مشكلة تأمين فرص عمل للأفارقة عبر إنشاء مشاريع تنموية بتمويل كامل من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية تقدم كتعويضات عن فترات الاستعمار غير الشرعية للقارة الإفريقية ولشعوب الأرض التي تعرضت أيضاً لذات الفعل كلبنان وسوريا والعراق وليبيا وغيرها.
إن شباب القارة الإفريقية واقطار الوطن العربي الكبير ينتقلون من قراهم ومدنهم التي ولدوا فيها وأحبوها مخاطرين بحياتهم والموت غرقاً أو الاعتقال والتسفير أو حتى الاحتيال للذهاب إلى مدن أوروبية تعاني الضجيج والزحمة و التلوث ويتراكض فيها البشر تراكض الوحوش لعدة اسباب أولها الهرب من قطار الموت التي تسببت به حروب اهلية وانتشار فوضى الموت والقتل دون تمييز وانتشار التنظيمات الارهابية على مختلف مسمياتها الطائفية الى جانب البحث عن رغيف الخبز وتأمين قوت عائلاتهم بعد أنْ تقطعت بهم سبل العيش في بلادٍ أنهكتها الحروب والمجاعات والأمراض بفعل استعباد دول الشمال الأوروبية لدول الجنوب الإفريقية والاقطار العربية قبل عقود مضتْ ولكنها تركت إرثاً من الفساد والافساد والخلافات والجوع والمرض، واستنزاف المقدرات ونهب الثروات، وهو ما أنشأ واقعاً جديد لسكان الجنوب البسطاء الباحثين عن العيش الآمن.
لقد أعمل الاستعباد والاستعمار والفوضى عمله في إفريقيا والعالم العربي، فجاعت شعوبها وشردت، وأُخذ أبناؤها عبيداً يبنون إمبراطوريات الشمال الاقتصادية والعمرانية بعرق ومال الجنوب، فأفقروه وهدموا جزءاً من مستقبله كما هدموا ماضيه وحاضره.
وإذا كانت ظاهرة الهجرة تشكل معضلة لبلدان الشمال فهي تمثل مشكلة أكبر لدول الجنوب، أي مشكلة للدولة الطاردة بحجم مشكلة الدولة المستقطبة، بالإضافة الى المهاجر نفسه، فالبلد الطارد للهجرة وهو البلد الأم للمهاجر، سوف يخسر طاقة بشرية ومهمة بقدر درجة تعليمها ومهارتها، والبلد المستقطب للهجرة سوف يواجه إشكالية تدريب وتأهيل وتوجيه المهاجر وبحث سبل اندماجه في مجتمعه الجديد، أما بالنسبة للمهاجر نفسه فإنه سوف يواجه إشكاليات وتحديات تتمثل في فقدان وطنه الأم وتواصله مع ثقافته الأصلية التي تربى عليها، وسيواجه إشكالية التكيف والاندماج مع المجتمع الجديد التي تتطلب منه بذل الكثير لرفع مستوى كفاءته في اللغة والعمل وتعديل أو تغيير الكثير من عاداته وتقاليده، وقيمه الثقافية في معظم الأحيان، فضلا عن إجهاد نفسه في تعلم لغة جديدة إذا ما كانت لغته الأصلية مختلفة بالإضافة الى مهارات أخرى، وهذا له تكاليف ومخاطر كبيرة، أفليس من الأجدى تنمية المجتمعات الطاردة وحل مشاكلها بدل دعم الحروب الاهلية فيها؟، وأليس من الاجدى أيضاً حل مشكلة المهاجرين عبر تأهيلهم في بلادهم الأصلية عبر مشروعات إنتاجية وتعويض بلدانهم عن فترات الاستعمار وبالتالي حل مشكلة الدولة الطاردة والمستقبلة معاً.
لقد كان للتدخل الأمريكي بل جاء مترافقاً معه وداعماً له التدخل الصهيوني والاوروبي أكبر الاثر في تفجر الحروب والاضطرابات التي تسببت بظاهرة الهجرة اللاشرعية ، فازدادت الأزمات واشتعلت المنطقة وأصبحت ناراً ملتهبة في سوريا والعراق وليبيا ودارفور والصومال واليمن واريتريا وإثيوبيا وغيرها ، من هنا فإن الحاجة ملحة لمناقشة موضوع الهجرة غير المشروعة تمهيداً لحله جذرياً، وفضح الأسباب التي تؤدي إلى الهجرة التي يسموها لا شرعية وذلك بالعمل على الحد من التدخلات في الشؤون العربية والافريقية والمساهمة الجدية في إطفاء نار الحروب وانهاء اسباب الازمات وتعويض الدول التي استعمرت في الماضي بما يكفل حل مشاكلها اقتصادياً واجتماعياً وإلاَ ستستمر الهجرات بحثاً عن ثروات الدول المنهوبة من قبل أوروبا وأمريكا حتى يتحقق العدل وتنتفي الحاجة إلى الهجرة، والا فان الموت وجوف المتوسط سيبتلع المزيد من ضحايا الحروب والفقر.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :