facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




فوضى العيارين والشطار الجدد في العراق * داود البصري

20-07-2015 05:19 AM

في العصور المتأخرة للخلافة العباسية في بغداد وبعد تدهور الأوضاع العامة وهيمنة المتغلبين من قادة الديلم والترك والسلاجقة على شؤون الخلافة وتلاعبهم بالخلفاء لدرجة عزلهم وقتلهم وسمل عيونهم، بل وتحول بعضهم لشحاذين على أبواب مساجد بغداد، نشأت حركات ومنظمات شعبية بدأت بواكيرها منذ أيام الصراع على الخلافة بين الأشقاء أولاد هارون الرشيد الأمين والمأمون، وهي حركات كانت تعبر عن رفض شعبي لما كان يدور وتحاول سد فراغ كانت قد تركته السلطة السياسية بعد تدهور أمور الخلافة وضعف المؤسسة الحاكمة، وتاريخ تلك الفترة يعطينا معلومات وافية عن بعض تلك الحركات التي هي أشبه ما تكون بالبلطجة أو الفتونة.

اليوم يعيش الشارع العراقي الملتهب على إيقاعات ساخنة من الفوضى المهلكة وليست الخلاقة، فالفوضى في العراق كما هي في الشرق ذات أبعاد تدميرية موجعة، وضعف مؤسسة السلطة منذ أيام ممارسات الفاشل نوري المالكي ومجيء البديل الدعوي الجاهز حيدر العبادي قد ضعضع الأوضاع العراقية، ومزق الساحة الداخلية، وجعل السلطة معزولة عن سياق التطورات بعد تفعيل فتوى الحشد الكفائي ومن ثم نشوء وظهور الجماعات والميليشيات الطائفية متعددة الأسماء والأصناف والقيادات ولكنها المجتمعة تحت قيادة مركزية قوية واحدة ليست هي الحكومة بالقطع، بل إنها مؤسسة قيادة فيلق القدس للحرس الثوري الإيراني عبر فرعها العراقي الذي أسسه الإيرانيون كمسمار جحا في قلب المعارضة العراقية السابقة وأعدوا رجاله الثقاة الذين مارسوا الإرهاب الدولي في العراق ولبنان والكويت واكتسبوا ثقة نظام الولي الفقيه التامة.

وجاء يومهم الموعود الراهن في ظل الفوضى العراقية الشاملة وضعف القيادات الطائفية المنضوية تحت حزب الدعوة الحاكم، إذ إن أغبى الدعويين هو من يحكم اليوم، في مفارقة غريبة ولكن مخطط لها، والملاحظ أن الحرس الثوري وهو يؤسس لقواعده الكامنة في العراق والشرق يستثمر الإمكانات العراقية في صناعة ذلك الوحش الفاشي الجديد، فالجماعات المسلحة باتت تهيمن على مراكز القرار في بعض المحافظات وتطالب بحقوق مالية ضخمة في وضع اقتصادي مزرٍ، وحيث يعيش الاقتصاد العراقي بسبب وضعية السوق البترولية الدولية انكماشا وتقلصا مريعا في العوائد انعكس على ميزانية الدولة المستنزفة والخاوية على عروشها إلى الدرجة التي تم اللجوء فيها للاقتراض من صندوق النقد الدولي لتغطية العجز في الميزانية كأي دولة إفريقية فقيرة ومنهوبة.

الحشد الطائفي يطالب بحقوق مادية يرى أنه يستحقها، خصوصا أن الخسائر البشرية في صفوفه قد تعاظمت وشملت عناصر قيادية وميدانية مهمة، والأموال المطلوبة لا يرسلها الحرس الثوري ولا تمول من ميزانيات المرجعيات الضخمة، بل إن الحكومة العراقية هي المطالبة بأدائها وتوفير كل المستلزمات العسكرية واللوجستية، وهو الأمر الذي لا يجري بالطريقة السلسة ولا السهلة، بل تواجه ذلك صعوبات جمة، ومصاعب كبرى، لذلك فقد لجأت الميليشيات لسلاح فرض الأمر الواقع وحتى الابتزاز عبر احتلال الحقول النفطية ومنعها من الإنتاج، كما حصل في حقل مجنون النفطي الذي أغلقته حشود البصرة الطائفية للمطالبة بالحقوق المادية..

وضعية كهذه من شأنها زرع الفوضى والتسيب عبر تسيد جماعات العيارين والشطار الجدد من الذين يتم إنتاجهم في الأزمات، وفي ذلك تصعيد للوضع المتدهور ورضوخ تام لعصابات سائبة تلغي سطوة الدولة وسيطرتها وتدوس على هيبتها التي تحولت اليوم لمهزلة حقيقية، فالاحتجاجات على سوء الخدمات العامة والانقطاع الدائم للتيار الكهربائي في موجة الحر الرهيبة التي تضرب العراق قد تحولت لحرب حقيقية في مواجهة إرهاب فشل الدولة، وهذه الوضعية الرثة لابد من أن تؤدي في نهاية المطاف لانهيار الدولة ومؤسساتها تحت ظل صليل سيوف الجماعات الطائفية المحتشدة والتي مع تعمق المعارك وزيادة خسائرها البشرية ترى أنها أحق بتسلم السلطة من الأحزاب والنخب القائمة مما يوفر صورة سوداء لمستقبل عراقي مظلم وموحش تتصارع فيه الطوائف لنيل حصتها من السلطة والثروة بعيدا عن إدارة الدولة المركزية أو عن أي تخطيط حديث.. الهدف المريح للنظام الإيراني المتوثب هو زرع الريح وحصد العواصف وإنهاء العراق وطيه تحت إبط نظام دولة الولي الفقيه وهو الأمر الذي يبدو في طريقه للتحقيق ما لم تتم بلورة برنامج عمل وطني حقيقي مدعوم برغبة وقوة دولية طاغية لتصحيح المسار وهو الأمر الذي لن يحدث أبداً في ظل سيناريو الجحيم الراهن في العراق.. العراق يتجه نحو انقلاب ميليشياوي يخرجه من المعادلة الإقليمية والدولية.

الشرق





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :