facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سكجها: عبد الله حمدان والركلات الترجيحية


باسم سكجها
10-09-2015 10:05 PM

منذ قرأت الخبر، وأنا أحاول الكتابة عن أبي مروان دون جدوى، ولكنّ مقالة له في العدد الأول من “آخر خبر”، ظلّت تُلحّ عليّ، يقول فيها: إذا أرادت هذه الصحيفة أن تفوز، فعليها أن تصل إلى الركلات الترجيحية، بعد أن تُحافظ على مرماها نظيفاً من الأهداف، لأنّ الهجوم عليها سيأتي من كلّ الجهات”.
في تلك المقالة، كان الراحل عبد الله حمدان يستذكر صحيفة “الشعب” الموءودة، وقد كان أحد أعمدتها، في معرض حديثه عن “آخر خبر”، ويستحضر ما تعرضت له تلك من هجوم أسفر، في نهاية الأمر، ليس عن مجرد تعطيلها عن الصدور، بل سحب ترخيصها من أساسه، وتشريد أصحابها بدءاً من الوالد، مروراً بعبد الله، وإنتهاء بأصغر عامل فيها.
ومع كلّ نجاح تحققه الصحيفة، كُنت أفاخر أمامه، فيردّ بروحه الساخرة: إنتظر، فهذا ما حصل لـ” الشعب” أيضاً، فالنجاح هو المرفوض، ولن تصل حتى إلى الركلات الترجيحية، وفي آخر الأمر، صدقت نبوءته، وكان ما كان للثانية مثل ما كان للأولى، ولكن بأساليب أخرى.
عبد الله حمدان هجر الصحافة اليومية الأردنية بعد تجربة “الشعب”، وانتقل للعمل مراسلاً ومديراً لمكتب “الوطن” الكويتية، ومن غرفتين صغيرتين في شارع الصحافة، كان يصنع مضافة سياسية وثقافية، ويجعل من الصحيفة التي تصدر في الكويت واحدة من الصحف الأردنية، بما فيها من تغطيات وانفرادات خبرية، ولعلّ تلك التجربة أغلقت عنده تلك المساحة النفسية التي كانت تحتلها “الشعب”، وذلك كان، كما ظلّ يُكرّر لي أيامها: فوزي كان بالركلات الترجيحية!
على أنّ صحافة الكويت التي كانت تحتلّ العالم العربي صغرت، وكادت تندثر، ومعها كان عبد الله يُغادر إلى ما صار علامة فارقة في حياته: “مجلة عمّان”، وليس سرّاً أنّ تجرته الكويتية أوصلته إلى نتيجته العمّانية، فـ”العربي” في عزّها كانت مجلة ليست كالمجلات، ولعلّها كانت عدة كُتب في كتّاب، ولستُ أذكر من هو أمين عمّان، بين الكثيرين الذين تولّوا المنصب، ذلك الذي أقنعه صاحبنا بأنّ عمّان تستأهل مجلة رائدة، تعكس تنوّع وتعدد وجمال المدينة، وباختصار، تعكس: عبقريتها، مكاناً، وناساً.
تلك الانعطافة كانت تاريخية في حياة أبي مروان، فقد وضع السياسة وأصحابها على جنب، وخاض في الثقافة، حتى أنّ شقّته الحميمة في طبربور صارت عنوان أيّ من زائر من كبار الشعراء أو الروائيين أو الفنانين الملتزمين العرب، ولا أنسى أنّ ذلك البيت الصغير يتحوّل، فُجأة، مع إنعقاد مهرجان جرش، إلى مهرجان موازٍ، أو مهرجان ظلّ، نلتقي فيه كلّ ليلة، بمعية الكبار الذين لا يكلّ عبد الله ولا يملّ من استضافتهم، حتى صرنا نُشفق على أمّ المؤمنين، أم مروان، من هذا الصخب اللذيذ.
نتذكّر الكثيرين ممّن مرّوا على ذلك البيت، ولكنّنا لا يمكن أن ننسى الراحل الشاعر السوري الكبير ممدوح عدوان، وهو يستأثر بحديثه وسحر شعره على الجلسات، فقد كان شقيق روح عبد الله، وحبيب عمّان، وحين كنّا نشعر بثقل دمنا على المكان، نستجدي صاحبه أن نلتقي في “الأوبرج”، وسط البلد، وهناك كان صخب المطعم العمّاني التاريخي المألوف يتحوّل إلى نوع جديد، مليئ بالقول، والكلمات المعتّقة، والضحك على الحياة.
“مجلّة عمّان” كانت هدية عبقرية من عبد الله حمدان إلى عمّان، وهو، بالمناسبة، الذي أدخل مصطلح عبقرية المكان إلى الوسط الثقافي، فقد حافظت على جدّيتها، واخراجها الأنيق، وكونها مصدر رزق للكتّاب، ولابقائهم على قيد الحياة والكتابة، ولكنّني، أيضاً، لا أذكر من هو أمين عمّان، من الذين تولّوا أمرها، ذلك الذي وقّع على قرار إنهاء خدمات عبد الله، ووضع المجلة في حالة إحتضار، ماتت بعدها دون أن تُدفن كما تكون اللياقة المُفترضة.
آخ، يا أخي عبد الله، يا من رحلت الليلة الماضية، فحتى في الوقت الضائع، الذي نواصل فيه اللعب بمهنية، وأخلاقية، وحتى عند الركلات الترجيحية، لا بدّ وأن تأتي رياح مباغتة تُبعد كُراتنا الصائبة عن المرمى.
رحمك الله يا أبا مروان، فكلّك كان جميلاً، ولكنّ أجمل ما كان فيك هو أولادك الثلاثة، مروان ومحمد ومنذر، الذين صاروا رجالاً، ولأنّهم تربّوا في بيتك، فقد امتلكوا الثقافة، والشغف، والأمل لكلّ أبنائنا أن يفوزوا حتى قبل الوصول إلى الركلات الترجيحية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :