facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لمــاذا نـرتعـب مـن الأبـراج؟


فارس الحباشنة
08-05-2016 01:39 PM

فلل وبيوت قديمة لطيفة في عمان اختفت من الوجود، وهي تنازع ناطحات السحاب والابراج العملاقة التي ابتعلت باحلامها المجنونة نحو الاستطالة بالسماء الارض ومن عليها، جنون بناء الابراج، وقد اصاب عمان من مركزها القديم في العبدلي حتى اطرافها الغربية.

ابراج تنتصب في سماء المدينة، وكأن لا شيء يمكن أن يكون تحتها أو بجانبها، هي ليست مجرد بناء عملاق منتصب باستطالة في السماء، انما تعبير عن روح لرأسمالية تؤمن بانها اسطورة البشرية وخلودها حتمي يقاوم كل جدليات الصراع التاريخي لسلطة «رأس المال» مع أضداده.

يصاحبك وأنت تسير بين ابراج عمان في العبدلي الخوف من مجهول، حيث تختفي كل مظاهر ومشاعر انسة ودفء المدينة، صمت مدو غير قابل للانقطاع، ما أن تخرج من منطقة ابراج العبدلي حتى تفتش في ذاكرتك القريبة بالسؤال المحير : أين أنا ؟ وأين منزلي ؟ وسط هذه الدوامة وأنك تواجه اشباحا غريبة تنتصب أمامك تطاردك بالسر والعلن.

من هم بحالنا الاجتماعي، أول ما تحط قدماه أرض الابراج يشعر حتما بغربة مطبقة، هذا المشيد بضخامة ومنتصب في قلب السماء، بالطبع ليس لنا، نحن أبناء سلالة بيوت الطين في الارياف والبوادي، وابناء سلالة الشقق الصغيرة «المرهونة للبنوك» في عمان، نحن نسخ من اجيال هربت للمدينة بحثا عن عيش كريم وأي عيش ممكن.

نحن سلالة باحساس متناقض عاشت بين قرنين، وانتهى بنا المطاف لنطارد «بكائيات « البحث عن أي «مستوى عيش»، لنكتشف أننا نواجه أوهاما وسحرا مطبقا على كل احلامنا، نعيش ببعض امل من وهم نغازل به باستعراض خطوط المستقبل.

تفتقد الشعور بالامان وانت هارب أمام سحيق «البناء المنتصب»، في مدينة ينسحب منها تدريجا احساسك بالدفء والامان، وأنت عاجز عن الالتحاق بالعالم السحري لمعجزات طبقة الاثرياء و المترفين، وأنت غير قادر على تليبة أبسط الاحتياجات المعيشية والانسانية، فالرحلة الى الاستقرار المعيشي عبر الوظيفة مهما كان نوعها ونمطها لم تعد مدرجة في القاموس الاقتصادي والاجتماعي الاردني.

وما هو محشور في ذاكرتي من خوف، ينسحب على جيل واسع، لسنا مطمئنين لأي مكان ما، أطمئنان ولو سطحي وخفيف يطفيء نار الاحساس بالغربة والخوف، وذلك الفقد المرعب للاحساس بالمؤانسة والالفة مع المجال العام.

ابتلاع الابراج وناطحات السحاب للبيوت والفلل، يقطع كل الاحساس الايجابي بالحياة، ومن وراء تلك الابراج سيخرج جيل لا يحبون الا اشكالهم المعكوسة بالمرايا، ليسوا أبناء حارات وقضايا يقاومون ويتمردون ويصدون ويقذفون في الهوامش والادراج، بقدر ما سيكونون ابناء جيل من القطعان المغتربة التي لا تؤمن الا بقيم ونعيم الرفاه والاستهلاك.

الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :