الخصخصة على هامش مؤتمر السلط الاقتصادي .. بقلم : د . خليل أبو سليم
19-08-2008 03:00 AM
بداية لا بد من تقديم جزيل الشكر وعظيم الامتنان إلى مؤسسة أعمار السلط ممثلة برئيسها معالي العين مروان الحمود والى غرفة صناعة الأردن على مبادرتهم الكريمة لتنظيم هذا المؤتمر في مدينة السلط مدينة الثقافة الأردنية لعام 2008 وذلك عرفانا منهم وتقديرا لهذه المدينة العريقة بتاريخها وأصالتها وما قدمته للوطن بدءاً من مسيرة التأسيس في عهد الملك المؤسس عبدا لله الأول – طيب الله ثراه - وصولا إلى موقع الريادة في عهد الملك الشاب عبدا لله الثاني – أطال الله في عمره.
لن أطيل على القارئ الكريم عن فحوى هذا المؤتمر ولكن لا بد من ذكر أهم المفاصل التي تناولها بدءا من تقديم دولة الدكتور فايز الطراونة للتحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني حيث أشار في كلمته وباختصار إلى بعض التحديات والمعيقات التي تؤثر على اقتصاد الأردن وخصوصا التداعيات الإقليمية والدولية وما يحيط بها من صراعات دولية باتت معروفة للجميع ابتداء من الصراعات القائمة في الخليج العربي مرورا باتفاقيات السلام المتعددة وليس انتهاء بوادي عربة
أما الدكتور عبد خرا بشة فقد أشار إلى بعض الحقائق والأرقام المذهلة في الاقتصاد العربي والعالمي بشكل عام والأردني بشكل خاص والتي تجعلنا نقف مطولا عندها لاستيعابها وكيفية التعامل معها ودراسة أسبابها والحد من نتائجها الكارثية التي تداهم هاجس المواطن الذي بالكاد يتدبر أمور يومه.
أما النائب حازم الناصر فقد تطرق إلى القصور في التشريعات الاقتصادية وخصوصا من قبل البرلمان الأردني والذي صرح بان 99.9 من التشريعات تكون مقدمة من الحكومات المتعاقبة ولم يقم المجلس الكريم بتقديم أي مشروع باستثناء بعض الملاحظات على موازنة الدولة، والتي نرى أنها لا تقدم بلسما شافيا لمواجهة المشاكل الاقتصادية ، وجاءت هذه الكلمة اعترافا من النائب الكريم بتقصير المجلس النيابي في هذا المجال .
لقد اثأر الإخوة المتحدثين الآخرين العديد من الأمور التي هي في غاية الأهمية ، من غياب للتخطيط وعدم الاهتمام الكافي بالموارد البشرية وشح في الإمكانات وذلك للوقوف على ابرز معالم ومعاناة الاقتصاد الأردني وكيفية التخفيف من تلك الآثار السلبية المؤثرة علينا بشكل كبير، ( مع الاعتذار الشديد عن ذكر أسماءهم لضيق المجال).
إن الذي استوقفني في المؤتمر هي مداخلة احد الحضور وتعليقه اللطيف على التخاصية المتبعة في الاقتصاد الأردني ، حيث أشار إلى إن التخاصية أمر مطلوب ومرغوب فيه ولكن ليس على طريقة الحكومة الأردنية.
لقد أشار الأستاذ المعلق لمفهوم التخاصية من البعد الذي يراه حيث بين أن التخاصية بمفهومها الحديث والواسع تعني قيام الدولة برفع يدها عن بعض المؤسسات والقطاعات الاقتصادية وتفويضها لصالح القطاع الخاص الأردني لما يتمتع به من كفاءة وملاءة وقدرة على التطوير والتحديث أكثر من القطاع العام، لا أن تقوم ببيعها للمستثمر الأجنبي الذي يكون همه الوحيد هو جني اكبر قدر ممكن من الأرباح، وفي هذا فرق شاسع في المعنيين من وجهة نظره هما:
الأول: عند التخلي أو البيع لصالح القطاع الخاص الأردني ( الوطني) فان هذا القطاع سيعمل على تطوير وتنظيم العمل بكفاءة وفاعلية أكثر من القطاع العام،وسيعمل على إيجاد المزيد من فرص العمل وعوامل النجاح والاستقرار الاقتصادي والأمن الاجتماعي وبقاء الأموال المستثمرة وأرباحها داخل الاقتصاد الوطني.
الثاني: عند التخلي أو البيع لصالح القطاع الخاص الأجنبي، فان هذا القطاع سيعمل على تقليص فرص العمل وطرد العمالة الوطنية واستقطاب العمالة من الخارج والاستدانة من البنوك المحلية – أي عدم الاعتماد على الأموال الخارجية – وخروج الأموال على شكل أرباح وتحويلات للخارج وتضخيم للاقتصاد ومدعاة للاحتكار ورفع الأسعار بحجة التطوير والتحديث والاستفادة من الإعفاءات الممنوحة للمستثمر الأجنبي بموجب قوانين الاستثمار المتعددة والتي يرى فيها – القوانين- أنها جاءت لمعاقبة المستثمر المحلي ومكافأة المستثمر الأجنبي.
ومن هنا فانه يطالب – المعلق - بإعادة النظر بهذه القوانين لتتواكب مع متطلبات الأمن الاجتماعي والاقتصادي وللمحافظة على النزر اليسير من الموارد الاقتصادية الأردنية والمتمثلة بالموارد البشرية المؤهلة والمدربة والقادرة على العطاء والتميز في ظل سيادة الدولة والقانون والاستقرار الأمني والسياسي والذي بالضرورة يتطلب استقرارا اقتصادي.